قوله تعالى :
ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه .
ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن
يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هم بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه ، ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي حيث بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته ، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به .
أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم :
يوسف ، والمرأة ، وزوجها ، والنسوة ،
[ ص: 206 ] والشهود .
أما جزم
يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره تعالى في قوله :
هي راودتني عن نفسي [ 12 \ 26 ] ، وقوله :
قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه .
وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة :
ولقد راودته عن نفسه فاستعصم [ 12 \ 32 ] ، وقولها :
الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين [ 12 \ 51 ] .
وأما اعتراف زوج المرأة ففي قوله :
قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين [ 12 \ 28 ، 29 ] .
وأما اعتراف الشهود بذلك ففي قوله :
وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين الآية [ 12 \ 26 ] .
وأما شهادة الله جل وعلا ببراءته ففي قوله :
كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين [ 12 \ 24 ] .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي في " تفسيره " : قد شهد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على طهارته أربع مرات :
أولها :
لنصرف عنه السوء ، واللام للتأكيد والمبالغة .
والثاني قوله : والفحشاء ، أي : وكذلك لنصرف عنه الفحشاء .
والثالث قوله :
إنه من عبادنا ، مع أنه تعالى قال :
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما [ 25 \ 63 ] .
والرابع قوله : المخلصين ، وفيه قراءتان : قراءة باسم الفاعل ، وأخرى باسم المفعول .
فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتيا بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص .
ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه ، واصطفاه لحضرته .
وعلى كلا الوجهين : فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزها عما أضافوه إليه . اهـ من تفسير
الرازي .
ويؤيد ذلك قوله تعالى :
معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون [ 12 \ 23 ] .
[ ص: 207 ] وأما إقرار إبليس بطهارة
يوسف ونزاهته ففي قوله تعالى :
قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين [ 38 \ 82 ، 83 ] ، فأقر بأنه لا يمكنه إغواء المخلصين ، ولا شك أن
يوسف من المخلصين ، كما صرح تعالى به في قوله :
إنه من عبادنا المخلصين ، فظهرت دلالة القرآن من جهات متعددة على براءته مما لا ينبغي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي في تفسير هذه الآية ما نصه : وعند هذا نقول : هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى
يوسف عليه السلام هذه الفضيحة ، إن كانوا من أتباع دين الله تعالى فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته ، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته ، ولعلهم يقولون : كنا في أول الأمر تلامذة إبليس ، إلى أن تخرجنا عليه فزدنا في السفاهة عليه ، كما قال
الخوارزمي :
وكنت امرأ من جند إبليس فارتقى بي الدهر حتى صار إبليس من جندي فلو مات قبلي كنت أحسن بعده
طرائق فسق ليس يحسنها بعدي
فثبت بهذه الدلائل : أن
يوسف عليه السلام بريء مما يقول هؤلاء الجهال . ا هـ كلام
الرازي .
ولا يخفى ما فيه من قلة الأدب مع من قال تلك المقالة من الصحابة وعلماء السلف الصالح ، وعذر
الرازي في ذلك هو اعتقاده أن ذلك لم يثبت عن أحد من السلف الصالح .
وسترى في آخر هذا المبحث أقوال العلماء في هذه المسألة إن شاء الله تعالى .
فإن قيل : قد بينتم دلالة القرآن على براءته عليه السلام مما لا ينبغي في الآيات المتقدمة ، ولكن ماذا تقولون في قوله تعالى :
وهم بها ؟ [ 12 \ 24 ]
فالجواب من وجهين :
الأول : إن
المراد بهم يوسف بها خاطر قلبي صرف عنه وازع التقوى ، وقال بعضهم : هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى ، وهذا لا معصية فيه ; لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف ، كما في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007764عنه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك " ، يعني ميل القلب الطبيعي .
ومثال هذا ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد ، مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007765ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة " ; لأنه ترك ما تميل
[ ص: 208 ] إليه نفسه بالطبع خوفا من الله ، وامتثالا لأمره ، كما قال تعالى :
وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى [ 79 \ 40 ، 41 ] .
وهم
بني حارثة وبني سلمة بالفرار يوم
أحد ، كهم
يوسف هذا ، بدليل قوله :
إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما [ 3 \ 122 ] ; لأن قوله :
والله وليهما يدل على أن ذلك الهم ليس معصية ; لأن إتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية .
والعرب تطلق الهم وتريد به المحبة والشهوة ، فيقول الإنسان فيما لا يحبه ولا يشتهيه : هذا ما يهمني ، ويقول فيما يحبه ويشتهيه : هذا أهم الأشياء إلي . بخلاف هم امرأة العزيز ، فإنه هم عزم وتصميم ، بدليل أنها شقت قميصه من دبر وهو هارب عنها ، ولم يمنعها من الوقوع فيما لا ينبغي إلا عجزها عنه .
ومثل هذا التصميم على المعصية معصية يؤاخذ بها صاحبها ، بدليل الحديث الثابت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث
أبي بكرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007766إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قالوا : يا رسول الله ، قد عرفنا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه " ، فصرح صلى الله عليه وسلم بأن تصميم عزمه على قتل صاحبه معصية أدخله الله بسببها النار .
وأما
تأويلهم هم يوسف بأنه قارب الهم ولم يهم بالفعل ، كقول العرب : قتلته لو لم أخف الله ، أي قاربت أن أقتله ، كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري .
وتأويل الهم بأنه هم بضربها ، أو هم بدفعها عن نفسه ، فكل ذلك غير ظاهر ، بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه .
والجواب الثاني وهو اختيار
أبي حيان : أن
يوسف لم يقع منه هم أصلا ، بل هو منفي عنه لوجود البرهان .
قال مقيده عفا الله عنه : هذا الوجه الذي اختاره
أبو حيان وغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية ; لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب : أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه ، كقوله :
فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين [ 10 \ 84 ] ، أي : إن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه ، فالأول : دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب ; لأن جواب الشروط وجواب لولا لا يتقدم ، ولكن يكون المذكور قبله دليلا عليه كالآية
[ ص: 209 ] المذكورة ، وكقوله :
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين [ 27 \ 64 ] ، أي : إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم .
وعلى هذا القول : فمعنى الآية ، وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ، أي لولا أن رآه هم بها ، فما قبل لولا هو دليل الجواب المحذوف ، كما هو الغالب في القرآن واللغة .
ونظير ذلك قوله تعالى :
إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها [ 28 \ 10 ] ، فما قبل لولا دليل الجواب ، أي : لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به .
واعلم أن جماعة من علماء العربية أجازوا تقديم جواب لولا [ 12 \ 24 ] ، وتقديم الجواب في سائر الشروط ، وعلى هذا القول يكون جواب لولا في قوله :
لولا أن رأى برهان ربه [ 12 \ 24 ] ، هو ما قبله من قوله :
وهم بها [ 12 \ 24 ] .
وإلى جواز التقديم المذكور ذهب
الكوفيون ، ومن أعلام
البصريين :
nindex.php?page=showalam&ids=15153أبو العباس المبرد ،
وأبو زيد الأنصاري .
وقال الشيخ
أبو حيان في " البحر المحيط " ما نصه : والذي أختاره أن
يوسف عليه السلام لم يقع منه هم بها البتة ، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان ، كما تقول : لقد قارفت لولا أن عصمك الله ، ولا نقول : إن جواب لولا متقدم عليها ، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك ، بل صريح أدوات الشروط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها ، وقد ذهب إلى ذلك
الكوفيون ، ومن أعلام
البصريين :
nindex.php?page=showalam&ids=1282أبو زيد الأنصاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15153وأبو العباس المبرد .
بل نقول : إن جواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كما يقول جمهور
البصريين في قول العرب : أنت ظالم إن فعلت . فيقدرونه إن فعلت فأنت ظالم ، ولا يدل قوله أنت ظالم على ثبوت الظلم ، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل ، وكذلك هنا التقدير : لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فكان وجود الهم على تقدير انتفاء رؤية البرهان ، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفى الهم ، ولا التفات إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . ولو كان الكلام : ولهم بها ، كان بعيدا ، فكيف مع سقوط اللام ؟ لأنه يوهم أن قوله :
وهم بها هو جواب لولا ونحن لم نقل بذلك ، وإنما هو دليل الجواب ، وعلى تقدير أن يكون نفس الجواب فاللام ليست بلازمة ، لجواز أن يأتي جواب لولا إذا كان بصيغة الماضي
[ ص: 210 ] باللام ، وبغير لام ، تقول : لولا زيد لأكرمتك ، ولولا زيد أكرمتك ، فمن ذهب إلى أن قوله : هم بها نفس الجواب لم يبعد ، ولا التفات لقول
ابن عطية : إن قول من قال : إن الكلام قد تم في قوله :
ولقد همت به وإن جواب لولا في قوله :
وهم بها وإن المعنى : لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فلم يهم
يوسف عليه السلام .
قال : وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف اهـ .
أما قوله : يرده لسان العرب فليس كما ذكر ، وقد استدل من ذهب إلى جواز ذلك بوجوده في لسان العرب ، قال الله تعالى :
إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين \ [ 28 \ 10 ] 30 فقوله : إن كادت لتبدي به إما أن يتخرج على أن الجواب على ما ذهب إليه ذلك القائل ، وإما أن يتخرج على ما ذهبنا إليه من أنه دليل الجواب ، والتقدير : لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به .
وأما أقوال السلف : فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء من ذلك ; لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضا ، مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين فضلا عن المقطوع لهم بالعصمة .
والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب ; لأنهم قدروا جواب لولا محذوفا ولا يدل عليه دليل ; لأنهم لم يقدروا الهم بها ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط ; لأن ما قبل الشرط دليل عليه اهـ . محل الغرض من كلام أبي حيان بلفظه .
وقد قدمنا أن هذا القول هو أجرى الأقوال على لغة العرب ، وإن زعم بعض العلماء خلاف ذلك .
فبهذين الجوابين تعلم أن
يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بريء من الوقوع فيما لا ينبغي ، وأنه إما أن يكون لم يقع منه أصلا بناء على أن الهم معلق بأداة الامتناع التي هي لولا على انتفاء رؤية البرهان ، وقد رأى البرهان فانتفى المعلق عليه ، وبانتفائه ينتفي المعلق الذي هو همه بها كما تقدم إيضاحه في كلام
أبي حيان .
وإما أن يكون همه خاطرا قلبيا صرف عنه وازع التقوى ، أو هو الشهوة والميل الغريزي المزموم بالتقوى كما أوضحناه ، فبهذا يتضح لك أن قوله :
وهم بها لا يعارض ما قدمنا من الآيات على براءة
يوسف من الوقوع فيما لا ينبغي .
[ ص: 211 ] فإذا علمت مما بينا دلالة القرآن العظيم على براءته مما لا ينبغي ، فسنذكر لك أقوال العلماء الذين قالوا : إنه وقع منه بعض ما لا ينبغي ، وأقوالهم في المراد بالبرهان فنقول :
قال صاحب " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " : أخرج
عبد الرزاق ، nindex.php?page=showalam&ids=14906والفريابي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ،
والحاكم ، وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لما همت به تزينت ، ثم استلقت على فراشها ، وهم بها جلس بين رجليها يحل تبانه نودي من السماء " يا
ابن يعقوب ، لا تكن كطائر ينتف ريشه فيبقى لا ريش له " فلم يتعظ على النداء شيئا ، حتى رأى برهان ربه :
جبريل عليه السلام في صورة
يعقوب عاضا على أصبعيه ، ففزع فخرجت شهوته من أنامله ، فوثب إلى الباب فوجده مغلقا ، فرفع
يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له ، واتبعته فأدركته ، فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه ، فألفيا سيدها لدى الباب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وأبو الشيخ ،
وأبو نعيم في " الحلية " عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ ؟ قال : حل الهميان - يعني السراويل - وجلس منها مجلس الخاتن ، فصيح به ، يا
يوسف لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى قعد ليس له ريش !
وأخرج
أبو نعيم في " الحلية " عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قوله :
ولقد همت به وهم بها [ 12 \ 24 ] ، قال : طمعت فيه وطمع فيها ، وكان من الطمع أن هم بحل التكة ، فقامت إلى صنم مكلل بالدر واليواقيت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه ، فقال : أي شيء تصنعين ؟ فقالت : استحي من إلهي أن يراني على هذه الصورة ، فقال
يوسف عليه السلام : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ، ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ، ثم قال : لا تنالينها مني أبدا . وهو البرهان الذي رأى .
وأخرج
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله : وهم بها [ 12 \ 24 ] ، قال : حل سراويله حتى بلغ ثنته ، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته ، فمثل له
يعقوب عليه السلام فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ،
والحاكم ، وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 212 ] رضي الله عنهما في قوله : لولا أن رأى برهان ربه قال : رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت عاضا على إبهامه ، فأدبر هاربا وقال : " وحقك يا أبت لا أعود أبدا " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قالا : حل السراويل ، وجلس منها مجلس الخاتن ، فرأى صورة فيها وجه
يعقوب عاضا على أصابعه ، فدفع صدره فخرجت الشهوة من أنامله ، فكل ولد
يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا إلا
يوسف عليه السلام ، فإنه نقص بتلك الشهوة ولدا فلم يولد له غير أحد عشر ولدا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قال : تمثل له
يعقوب عليه السلام فضرب في صدر
يوسف فطارت شهوته من أطراف أنامله ، فولد لكل ولد
يعقوب اثنا عشر ذكرا غير
يوسف لم يولد له إلا غلامان .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ عن
الحسن رضي الله عنه ، في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قال : رأى
يعقوب عاضا على أصابعه يقول : "
يوسف !
يوسف ! " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ عن
قتادة رضي الله عنه في الآية ، قال : رأى آية من آيات ربه حجزه الله بها عن معصيته ، ذكر لنا أنه مثل له
يعقوب عاضا على أصبعيه ، وهو يقول له : يا
يوسف ! أتهم بعمل السفهاء ، وأنت مكتوب في الأنبياء ؟ ! فذلك البرهان . فانتزع الله كل شهوة كانت في مفاصله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين رضي الله عنه ، في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قال : مثل له
يعقوب عليه السلام عاضا على إصبعيه يقول : "
يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ، اسمك مكتوب في الأنبياء ، وتعمل عمل السفهاء ! " .
وأخرج
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ، عن
مجاهد رضي الله عنه ، قال : رأى صورة
يعقوب عليه السلام في الجدار .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
وأبو الشيخ ، عن
الحسن رضي الله عنه ، قال : زعموا أن سقف البيت انفرج ، فرأى
يعقوب عاضا على إصبعيه .
[ ص: 213 ] وأخرج
عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " ، عن
الحسن رضي الله عنه ، في قوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه . قال : إنه لما هم قيل له ارفع رأسك يا
يوسف ، فرفع رأسه فإذا هو بصورة في سقف البيت تقول : يا
يوسف ! يا
يوسف ! أنت مكتوب في الأنبياء ، فعصمه الله عز وجل .
وأخرج
أبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ، عن
أبي صالح رضي الله عنه ، قال : رأى صورة
يعقوب في سقف البيت تقول : "
يوسف !
يوسف ! " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن أخبره أن البرهان الذي رأى
يوسف عليه السلام هو
يعقوب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
القاسم بن أبي بزة ، نودي : " يا
ابن يعقوب ، لا تكونن كالطير له ريش ، فإذا زنى قعد ليس له ريش " ، فلم يعرض للنداء وقعد ، فرفع رأسه ، فرأى وجه يعقوب عاضا على إصبعه ، فقام مرعوبا استحياء من أبيه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
علي بن بذيمة ، قال : كان يولد لكل رجل منهم اثنا عشر إلا
يوسف عليه السلام ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
شمر بن عطية ، قال : نظر
يوسف إلى صورة
يعقوب عاضا على إصبعه يقول : يا
يوسف ، فذاك حين كف وقام .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
الضحاك رضي الله عنه ، قال : يزعمون أنه مثل له
يعقوب عليه السلام فاستحيا منه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، يقول في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قال : رأى آية من كتاب الله فنهته ، مثلت له في جدار الحائط .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه ، قال :
البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام ثلاث آيات من كتاب الله :
وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون [ 82 \ 10 ، 11 ] ، وقول الله تعالى :
وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه [ 10 \ 61 ] ، وقول الله تعالى :
أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ 13 \ 33 ] .
[ ص: 214 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب قال : رأى في البيت في ناحية الحائط مكتوبا :
ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ 17 \ 32 ] ، وأخرج
ابن المنذر ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه رضي الله عنه ، قال : لما خلا
يوسف وامرأة العزيز خرجت كف بلا جسد بينهما ، مكتوب عليها بالعبرانية :
أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ 13 \ 33 ] ، ثم انصرفت الكف ، وقاما مقامهما ، ثم رجعت الكف مكتوبا عليها بالعبرانية :
وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون [ 82 \ 10 ، 12 ] ، ثم انصرفت الكف ، وقاما مقامهما ، فعادت الكف الثالثة مكتوبا عليها :
ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ 17 \ 32 ] ، وانصرفت الكف ، وقاما مقامهما ، فعادت الكف الرابعة مكتوبا عليها بالعبرانية :
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ 2 \ 281 ] ، فولى يوسف عليه السلام هاربا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، قال : آيات ربه ، أري تمثال الملك .
وأخرج
أبو الشيخ ،
وأبو نعيم في " الحلية " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد رضي الله عنه ، قال : لما دخل
يوسف معها البيت وفي البيت صنم من ذهب قالت : كما أنت ، حتى أغطي الصنم ، فإني أستحي منه ، فقال
يوسف : هذه تستحيي من الصنم ، أنا أحق أن أستحيي من الله ؟ فكف عنها وتركها . اهـ من " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " .
قال مقيده عفا الله عنه : هذه الأقوال التي رأيت نسبتها إلى هؤلاء العلماء منقسمة إلى قسمين :
قسم لم يثبت نقله عمن نقله عنه بسند صحيح ، وهذا لا إشكال في سقوطه .
وقسم ثبت عن بعض من ذكر ، ومن ثبت عنه منهم شيء من ذلك ، فالظاهر الغالب على الظن المزاحم لليقين : أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات ; لأنه لا مجال للرأي فيه ، ولم يرفع منه قليل ولا كثير إليه صلى الله عليه وسلم .
وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله
يوسف بأنه جلس بين رجلي كافرة أجنبية ، يريد أن يزني بها ، اعتمادا على مثل هذه الروايات ، مع أن في الروايات
[ ص: 215 ] المذكورة ما تلوح عليه لوائح الكذب ، كقصة الكف التي خرجت له أربع مرات ، وفي ثلاث منهن لا يبالي بها ; لأن ذلك على فرض صحته فيه أكبر زاجر لعوام الفساق ، فما ظنك بخيار الأنبياء ؟ مع أنا قدمنا دلالة القرآن على براءته من جهات متعددة ، وأوضحنا أن الحقيقة لا تتعدى أحد أمرين :
إما أن يكون لم يقع منه هم بها أصلا ، بناء على تعليق همه على عدم رؤية البرهان ، وقد رأى البرهان ، وإما أن يكون همه الميل الطبيعي المزموم بالتقوى ، والعلم عند الله تعالى .
واختلف العلماء في المراد بالسوء والفحشاء ، اللذين ذكر الله في هذه الآية أنه صرفهما عن نبيه
يوسف .
فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر رضي الله عنه ، في قوله :
لنصرف عنه السوء والفحشاء [ 12 \ 24 ] ، قال : الزنى ، والثناء القبيح اهـ .
وقال بعض العلماء : السوء : مقدمات الفاحشة ، كالقبلة ، والفاحشة : الزنى .
وقيل : السوء : جناية اليد ، والفاحشة : الزنى . وأظهر الأقوال في تقدير متعلق الكاف في قوله : كذلك لنصرف ، أي : فعلنا له ذلك من إراءة البرهان ، كذلك الفعل لنصرف واللام لام كي .
وقوله : المخلصين [ 12 \ 24 ] قرأه
نافع ،
وعاصم ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، بفتح اللام بصيغة اسم المفعول ، وقرأه
ابن عامر ،
وابن كثير ،
وأبو عمرو ، بكسر اللام بصيغة اسم الفاعل ، والعلم عند الله تعالى اهـ .