قوله تعالى
لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين . لو ما في هذه الآية الكريمة للتحضيض ، وهو طلب الفعل طلبا حثيثا . ومعنى الآية : أن الكفار طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب تخصيص أن يأتيهم بالملائكة ليكون إتيان الملائكة معه دليلا على صدقه أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين طلب الكفار هذا في آيات أخر كقوله عن فرعون مع
موسى :
فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين [ 43 \ 53 ] وقوله :
وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا [ 25 \ 21 ] ، وقوله :
وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر الآية [ 6 \ 8 ] وقوله :
لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا [ 25 \ 7 ] وقوله :
أو تأتي بالله والملائكة قبيلا [ 17 \ 92 ] إلى غير ذلك من الآيات .
واعلم أن لو تركب مع لا وما لمعنيين : الأول منهما التحضيض ، ومثاله في لو ما في هذه الآية الكريمة ، ومثاله في لولا قول
جرير :
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا
يعني : فهلا تعدون الكمي المقنع ، المعنى الثاني هو امتناع شيء لوجود غيره ، وهو في لولا كثير جدا كقول
عامر بن الأكوع - رضي الله عنه - :
تالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
ومثاله في ( لو ما ) قول
ابن مقبل :
لو ما الحياء ولو ما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
وأما هل فلم تركب إلا مع لا وحدها للتحضيض .
تنبيه
قد ترد أدوات التحضيض للتوبيخ والتنديم ، فتختص بالماضي أو ما في تأويله نحو
فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس الآية [ 10 \ 98 ] وقوله :
لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء الآية [ 24 \ 13 ] وقوله :
فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة الآية [ 46 \ 28 ] ، وجعل بعضهم منه قول
جرير :
[ ص: 255 ] تعدون عقر النيب البيت المتقدم آنفا
قائلا : إن مراده توبيخهم على ترك عد الكمي المقنع في الماضي .