قوله تعالى : (
وما أنزل إلى إبراهيم ) لم يبين هنا هذا الذي أنزل إلى
إبراهيم ، ولكنه بين في سورة " الأعلى " أنه صحف ، وأن من جملة ما في تلك الصحف : (
بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ) [ 87 \ 16 - 17 ] وذلك في قوله : (
إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) [ 87 \ 18 ، 19 ] .
وذلك في قوله : (
وما أوتي موسى وعيسى ) لم يبين هنا ما أوتيه
موسى وعيسى ، ولكنه بينه في مواضع أخر ، فذكر أن ما أوتيه
موسى هو التوراة المعبر عنها بالصحف في قوله : (
صحف إبراهيم وموسى ) ، وذلك كقوله : (
ثم آتينا موسى الكتاب ) [ 6 \ 154 ] وهو التوراة بالإجماع ، وذكر أن ما أوتيه
عيسى هو الإنجيل كما في قوله : (
وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل ) [ 57 \ 27 ] .
قوله تعالى : (
النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ) أمر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين في هذه الآية أن يؤمنوا بما أوتيه جميع النبيين ، وأن لا يفرقوا بين أحد منهم ، حيث قال : (
قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ) إلى قوله : (
وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ) ولم يذكر هنا هل فعلوا ذلك أو لا ؟ ولم يذكر جزاءهم إذا فعلوه ، ولكنه بين كل ذلك في غير هذا الموضع ، فصرح بأنهم امتثلوا الأمر بقوله : (
آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) [ 2 \ 285 ] وذكر جزاءهم على ذلك بقوله : (
والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) [ 4 \ 152 ] .