قوله تعالى : حتى يأتيك اليقين .
قالت جماعة من أهل العلم ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر ،
ومجاهد ، والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهم :
[ ص: 324 ] اليقين : الموت ، ويدل لذلك قوله تعالى :
قالوا لم نك من المصلين ولم
نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين [ 74 \ 43 - 47 ] ، وهو : الموت .
ويؤيد هذا ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد بن ثابت ، عن
أم العلاء ( امرأة من الأنصار ) :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007847أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل على nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون وقد مات ، قالت أم العلاء : رحمة الله عليك أبا السائب ! فشهادتي عليك لقد أكرمك الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما يدريك أن الله قد أكرمه " ؟ فقالت : بأبي وأمي يا رسول الله ، فمن يكرمه الله ؟ فقال : " أما هو فقد جاءه اليقين ، وإني لأرجو له الخير . . " الحديث . وهذا الحديث الصحيح يدل على أن اليقين الموت . وقول من قال : إن المراد باليقين انكشاف الحقيقة ، وتيقن الواقع لا ينافي ما ذكرنا ; لأن الإنسان إذا جاءه الموت ظهرت له الحقيقة يقينا . ولقد أجاد
التهامي في قوله :
والعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري
وقال صاحب الدر المنثور : أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ،
وابن المنذر ،
والحاكم في التاريخ ،
وابن مردويه ،
والديلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ، ولكن أوحي إلي أن : ( فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) [ 15 \ 98 - 99 ] .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ، ولكن أوحي إلي أن : " فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " .
وأخرج
ابن مردويه والديلمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" ما أوحي إلي أن أكون تاجرا ولا أجمع المال متكاثرا ، ولكن أوحي إلي أن : " فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " .
تنبيهان
الأول : هذه الآية الكريمة تدل على
أن الإنسان ما دام حيا وله عقل ثابت يميز به ، فالعبادة واجبة عليه بحسب طاقته . فإن لم يستطع الصلاة قائما فليصل قاعدا ، فإن لم
[ ص: 325 ] يستطع فعلى جنب ، وهكذا قال تعالى عن نبيه
عيسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - :
وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا [ 19 \ 31 ] ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه " باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب " ، وقال
عطاء : إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة ، صلى حيث كان وجهه ، حدثنا
عبدان عن
عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، قال : حدثني
الحسين المكتب ، عن
بريدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين - رضي الله عنهما - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007850كانت بي بواسير ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة ، فقال : " صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب " . اه .
ونحو هذا معلوم ; قال تعالى :
فاتقوا الله ما استطعتم [ 64 \ 16 ] ، وقال تعالى :
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ 2 \ 286 ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007851 " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم . . . " الحديث .
التنبيه الثاني : اعلم أن ما يفسر به هذه الآية الكريمة بعض
الزنادقة الكفرة المدعين للتصوف ، من أن معنى اليقين المعرفة بالله - جل وعلا - ، وأن الآية تدل على أن العبد إذا وصل من المعرفة بالله إلى تلك الدرجة المعبر عنها باليقين ، أنه تسقط عنه العبادات والتكاليف ; لأن ذلك اليقين هو غاية الأمر بالعبادة .
إن تفسير الآية بهذا كفر بالله وزندقة ، وخروج عن ملة الإسلام بإجماع المسلمين . وهذا النوع لا يسمى في الاصطلاح تأويلا ، بل يسمى لعبا كما قدمنا في " آل عمران " . ومعلوم أن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم هم وأصحابه - هم أعلم الناس بالله ، وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم ، وكانوا مع ذلك أكثر الناس عبادة لله - جل وعلا - ، وأشدهم خوفا منه وطمعا في رحمته . وقد قال - جل وعلا - :
إنما يخشى الله من عباده العلماء [ 35 \ 28 ] . والعلم عند الله تعالى .