قوله تعالى : ويخلق ما لا تعلمون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أنه
[ ص: 335 ] يخلق ما لا يعلم المخاطبون وقت نزولها ، وأبهم ذلك الذي يخلقه ; لتعبيره عنه بالموصول ، ولم يصرح هنا بشيء منه ، ولكن قرينة ذكر ذلك في معرض الامتنان بالمركوبات تدل على أن منه ما هو من المركوبات ، وقد شوهد ذلك في
إنعام الله على عباده بمركوبات لم تكن معلومة وقت نزول الآية : كالطائرات ، والقطارات ، والسيارات .
ويؤيد ذلك إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك في الحديث الصحيح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ، حدثنا
ليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد ، عن
عطاء بن ميناء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007852 " والله لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد ، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد " . اهـ .
ومحل الشاهد من هذا الحديث الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007853 " ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها " ; فإنه قسم من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ستترك الإبل فلا يسعى عليها ، وهذا مشاهد الآن للاستغناء عن ركوبها بالمراكب المذكورة .
وفي هذا الحديث معجزة عظمى ، تدل على صحة نبوته - صلى الله عليه وسلم - ، وإن كانت معجزاته - صلوات الله عليه وسلامه - أكثر من أن تحصر .
وهذه الدلالة التي ذكرنا تسمى دلالة الاقتران ، وقد ضعفها أكثر أهل الأصول ، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله :
أما قران اللفظ في المشهور فلا يساوي في سوى المذكور
وصحح الاحتجاج بها بعض العلماء ، ومقصودنا من الاستدلال بها هنا أن ذكر :
ويخلق ما لا تعلمون [ 16 \ 8 ] في معرض الامتنان بالمركوبات لا يقل عن قرينة دالة على أن الآية تشير إلى أن من المراد بها بعض المركوبات ، كما قد ظهرت صحة ذلك بالعيان .
وقد ذكر في موضع آخر : أنه يخلق ما لا يعلمه خلقه غير مقترن بالامتنان بالمركوبات ، وذلك في قوله :
سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون [ 36 \ 36 ] .