قوله تعالى : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية : أن حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على إسلام قومه لا يهدي من سبق في علم الله أنه شقي .
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر ; كقوله :
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء [ 28 \ 56 ] ، وقوله :
ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم [ 5 \ 41 ] ، وقوله :
من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون [ 7 \ 186 ]
[ ص: 376 ] وقوله :
ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء [ 6 \ 125 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقرأ هذا الحرف
نافع ،
وابن عامر ،
وابن كثير ،
وأبو عمر :
فإن الله لا يهدي من يضل [ 16 \ 37 ] ، بضم الياء وفتح الدال ; ومن " يهدي " مبنيا للمفعول . وقوله : من نائب الفاعل . والمعنى : أن من أضله الله لا يهدى ، أي : لا هادي له .
وقرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي بفتح الياء وكسر الدال ، من " يهدي " ، مبنيا للفاعل . وقوله : من ، مفعول به لـ يهدي ، والفاعل ضمير عائد إلى الله تعالى . والمعنى : أن من أضله الله لا يهديه الله . وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله ; لأن غيرهم قد يكون ضالا ثم يهديه الله كما هو معروف .
وقال بعض العلماء : لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له ; فإن رفع الله عنه الضلالة هذه فلا مانع من هداه . والعلم عند الله تعالى .