قوله تعالى :
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم - أي : اجتهدوا في الحلف - وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت . وكذبهم الله - جل وعلا - في ذلك بقوله :
بلى وعدا عليه حقا [ 16 \ 38 ] ، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك ، كقوله :
زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن الآية [ 64 \ 7 ] ، وقوله :
كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ 21 \ 104 ] ، وقوله :
وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ 36 \ 78 ، 79 ] ، وقوله :
فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة [ 17 \ 51 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .
وقوله : بلى [ 16 \ 38 ] ، نفي لنفيهم البعث كما قدمنا . وقوله : وعدا ، مصدر مؤكد لما دلت عليه " بلى " ; لأن " ، بلى " تدل على نفي قولهم : لا يبعث الله من يموت . ونفي هذا النفي إثبات ، معناه : لتبعثن . وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة : " بلى " فيه معنى وعد الله بأنه سيكون . فقوله : وعدا [ 16 \ 38 ] مؤكد له .
وقوله : حقا مصدر أيضا ، أي : وعد الله بذلك وعدا ، وحقه حقا ، وهو
[ ص: 377 ] مؤكد أيضا لما دلت " بلى " ، واللام في قوله :
ليبين لهم الذي يختلفون فيه [ 16 \ 39 ] ، وفي قوله :
وليعلم الذين كفروا الآية [ 16 \ 39 ] ، تتعلق بقوله : " بلى " ، أي : يبعثهم ليبين لهم . . إلخ . والضمير في قوله : لهم عائد إلى من يموت ; لأنه شامل للمؤمنين والكافرين .
وقال بعض العلماء : اللام في الموضعين تتعلق بقوله :
ولقد بعثنا في كل أمة رسولا الآية [ 16 \ 36 ] ، أي : بعثناه ليبين لهم . . إلخ ، والعلم عند الله تعالى .