قوله تعالى :
إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه مع عباده المتقين المحسنين ، وقد تقدم إيضاح معنى التقوى و الإحسان .
وهذه المعية بعباده المؤمنين ، وهي بالإعانة والنصر والتوفيق . وكرر هذا المعنى في مواضع أخر ; كقوله :
إنني معكما أسمع وأرى [ 20 \ 46 ] ، وقوله :
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم [ 8 \ 12 ] ، وقوله :
لا تحزن إن الله معنا [ 9 \ 40 ] ، وقوله :
قال كلا إن معي ربي سيهدين [ 26 \ 62 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وأما المعية العامة لجميع الخلق فهي بالإحاطة التامة والعلم ، ونفوذ القدرة ، وكون الجميع في قبضته - جل وعلا - : فالكائنات في يده - جل وعلا - أصغر من حبة خردل ، وهذه هي
[ ص: 469 ] المذكورة أيضا في آيات كثيرة ; كقوله :
ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم الآية [ 58 \ 7 ] ، وقوله :
وهو معكم أين ما الآية [ 57 \ 4 ] ، وقوله :
فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين [ 7 \ 7 ] ، وقوله :
وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه الآية [ 10 \ 61 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
فهو - جل وعلا - مستو على عرشه كما قال ، على الكيفية اللائقة بكماله وجلاله ، وهو محيط بخلقه ، كلهم في قبضة يده ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين .