تنبيه
اختلف العلماء :
هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء بعين رأسه أو لا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره : " رآه بعين رأسه " وقالت
عائشة وغيرها : " لم يره " . وهو خلاف مشهور بين أهل العلم معروف .
قال مقيده عفا الله عنه : التحقيق الذي دلت عليه نصوص الشرع : أنه صلى الله عليه وسلم لم يره بعين رأسه . وما جاء عن بعض السلف من أنه رآه . فالمراد به الرؤية بالقلب . كما في صحيح مسلم : " أنه رآه بفؤاده مرتين " لا بعين الرأس .
ومن أوضح الأدلة على ذلك أن
أبا ذر رضي الله عنه ( وهو هو في صدق اللهجة ) سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة بعينها . فأفتاه بما مقتضاه : أنه لم يره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
زيد بن إبراهيم ، عن
قتادة ، عن
عبد الله بن شقيق ، عن
أبي ذر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007945سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأيت ربك ؟ قال : " نور ، أنى أراه " ؟ .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، حدثنا أبي . ( ح ) وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15699حجاج بن الشاعر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم ، حدثنا
همام ، كلاهما عن
قتادة ، عن
عبد الله بن شقيق قال : " قلت
لأبي ذر : لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته . فقال : عن أي شيء كنت تسأله ؟ قال : كنت أسأله : هل رأيت ربك ؟ قال
أبو ذر : قد سألت فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007946رأيت نورا " هذا لفظ
مسلم .
وقال
النووي في شرحه
لمسلم : أما قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007947نورا أنى أراه " ا ! فهو بتنوين " نور " وفتح الهمزة في " أنى " وتشديد النون وفتحها . و " أراه " بفتح الهمزة ، هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات . ومعناه : حجابه نور ، فكيف أراه ! .
قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15140أبو عبد الله المازري رحمه الله : الضمير في " أراه " عائد إلى الله سبحانه وتعالى ، ومعناه : أن النور منعني من الرؤية . كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار ، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007946رأيت نورا " معناه : رأيت النور فحسب ، ولم أر غيره . قال : وروي " نوراني " بفتح الراء وكسر النون وتشديد الياء . ويحتمل أن يكون معناه راجعا إلى ما قلناه .
[ ص: 10 ] أي خالق النور المانع من رؤيته ، فيكون من صفات الأفعال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض رحمه الله : هذه الرواية لم تقع إلينا ولا رأيناها في شيء من الأصول . اه محل الغرض من كلام
النووي .
قال مقيده عفا الله عنه : التحقيق الذي لا شك فيه هو : أن معنى الحديث هو ما ذكر ; من كونه لا يتمكن أحد من رؤيته لقوة النور الذي هو حجابه . ومن أصرح الأدلة على ذلك أيضا حديث
أبي موسى المتفق عليه " حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007948 " نور ، أنى أراه " ؟ . أي كيف أراه وحجابه نور ، من صفته أنه لو كشفه لأحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه .
وقد قدمنا : أن تحقيق المقام في
رؤية الله جل وعلا بالأبصار أنها جائزة عقلا في الدنيا والآخرة ، بدليل قول
موسى :
رب أرني أنظر إليك [ 7 \ 143 ] ; لأنه لا يجهل المستحيل في حقه جل وعلا . وأنها جائزة شرعا وواقعة يوم القيامة ، ممتنعة شرعا في الدنيا قال :
لن تراني ولكن انظر إلى الجبل [ 7 \ 143 ] إلى قوله :
جعله دكا [ 7 \ 143 ] .
ومن أصرح الأدلة في ذلك حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007949إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " في صحيح
مسلم وصحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة كما تقدم .
وأما قوله :
ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين [ 53 \ 8 - 9 ] فذلك
جبريل على التحقيق ، لا الله جل وعلا .
قوله تعالى : الذي باركنا حوله .
أظهر التفسيرات فيه : أن معنى
باركنا حوله [ 17 \ 1 ] أكثرنا حوله الخير والبركة بالأشجار والثمار والأنهار . وقد وردت آيات تدل على هذا ; كقوله تعالى :
ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين [ 21 \ 71 ] ، وقوله :
ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين [ 21 \ 81 ] ; فإن المراد بتلك الأرض :
الشام . والمراد بأنه بارك فيها : أنه أكثر فيها البركة والخير بالخصب والأشجار والثمار والمياه . كما عليه جمهور العلماء .
وقال بعض العلماء : المراد بأنه بارك فيها أنه بعث الأنبياء منها . وقيل غير ذلك . والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 11 ] قوله تعالى :
لنريه من آياتنا .
الظاهر إنما أراه الله من آياته في هذه الآية الكريمة : أنه أراه إياه رؤية عين . فهمزة التعدية داخلة على رأى البصرية ; كقولك : أرأيت زيدا دار عمرو . أي جعلته يراها بعينه . و من في الآية للتبعيض ، والمعنى :
لنريه من آياتنا : أي بعض آياتنا فنجعله يراها بعينه . وذلك ما رآه صلى الله عليه وسلم بعينه ليلة الإسراء من الغرائب والعجائب . كما جاء مبينا في الأحاديث الكثيرة .
ويدل لما ذكرنا في الآية الكريمة قوله تعالى في سورة النجم :
ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ 53 \ 17 - 18 ] .