[ ص: 13 ] قوله تعالى :
ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع
نوح ، تنبيها على النعمة التي نجاهم بها من الغرق ، ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله ; أي : يا ذرية من حملنا مع
نوح ، فنجيناهم من الغرق ، تشبهوا بأبيكم ، فاشكروا نعمنا . وأشار إلى هذا المعنى في قوله :
أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح الآية [ 19 \ 58 ] .
وبين في مواضع أخر الذين حملهم مع
نوح من هم ، وبين الشيء الذي حملهم فيه ، وبين من بقي له نسل ، وعقب منهم ، ومن انقطع ولم يبق له نسل ولا عقب .
فبين أن الذين حملهم مع
نوح : هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله :
قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن .
[ 11 \ 40 ] وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله :
وما آمن معه إلا قليل [ 11 \ 40 ] .
وبين أن ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه . قال في امرأته :
ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح [ 66 \ 10 ] إلى قوله :
وقيل ادخلا النار مع الداخلين [ 66 \ 10 ] . وقال في ابنه :
وحال بينهما الموج فكان من المغرقين [ 11 \ 43 ] ، وقال فيه أيضا :
إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح الآية . [ 11 \ 46 ] ، وقوله :
ليس من أهلك [ 11 \ 46 ] أي : الموعود بنجاتهم في قوله :
فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الآية ، ونحوها من الآيات .
وبين أن الذي حملهم فيه هو السفينة في قوله :
قلنا احمل فيها الآية [ 11 \ 40 ] ; أي السفينة . وقوله :
فاسلك فيها من كل زوجين اثنين الآية [ 23 \ 27 ] . أي أدخل فيها - أي السفينة :
من كل زوجين اثنين وأهلك [ 23 \ 27 ] .
وبين أن ذرية من حمل مع
نوح لم يبق منها إلا ذرية
نوح في قوله :
وجعلنا ذريته هم الباقين [ 37 \ 77 ] ، وكان
نوح يحمد الله على طعامه وشرابه ، ولباسه وشأنه كله . فسماه الله عبدا شكورا .
[ ص: 14 ] وأظهر أوجه الإعراب في قوله :
ذرية من حملنا الآية [ 17 \ 3 ] ، أنه منادى بحرف محذوف .