ومن هدي القرآن للتي هي أقوم بيانه أنه كل
من اتبع تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه ، فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح ، مخرج عن الملة الإسلامية ، ولما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم : الشاة تصبح ميتة من قتلها ؟ فقال لهم : " الله قتلها " فقالوا له : ما ذبحتم بأيديهم حلال ، وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون إنه حرام ! فأنتم إذن أحسن من
[ ص: 41 ] الله ؟ أنزل الله فيهم قوله تعالى :
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [ 6 \ 121 ] وحذف الفاء من قوله :
إنكم لمشركون يدل على قسم محذوف على حد قوله في الخلاصة :
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخرت فهو ملتزم
إذ لو كانت الجملة جوابا للشرط لاقترنت بالفاء على حد قوله في الخلاصة أيضا :
واقرن بفا حتما جوابا لو جعل شرطا لأن أو غيرها لم ينجعل
فهو قسم من الله جل وعلا أقسم به على أن من اتبع الشيطان في تحليل الميتة أنه مشرك ، وهذا الشرك مخرج عن الملة بإجماع المسلمين ، وسيوبخ الله مرتكبه يوم القيامة بقوله :
ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين [ 36 \ 60 ] لأن طاعته في تشريعه المخالف للوحي هي عبادته ، وقال تعالى :
إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا [ 4 \ 117 ] ، أي ما يعبدون إلا شيطانا ، وذلك باتباعهم تشريعه . وقال :
وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم الآية [ 6 \ 137 ] ، فسماهم شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله تعالى ، وقال عن خليله :
ياأبت لا تعبد الشيطان الآية [ 19 \ 44 ] ، أي بطاعته في الكفر والمعاصي ، ولما سأل
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى :
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا الآية [ 9 \ 31 ] ، بين له أن معنى ذلك أنهم أطاعوهم في
تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم ، والآيات بمثل هذا كثيرة .
والعجب ممن يحكم غير تشريع الله ثم يدعي الإسلام ; كما قال تعالى :
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [ 4 \ 60 ] ، وقال :
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ 5 \ 44 ] ، وقال :
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين [ 6 \ 114 ] .