تنبيه
لفظة " كفى " تستعمل في القرآن واللغة العربية استعمالين :
تستعمل متعدية ، وهي تتعدى غالبا إلى مفعولين ، وفاعل هذه المتعدية لا يجر بالباء ، كقوله :
وكفى الله المؤمنين القتال [ 33 \ 25 ] ، وكقوله :
أليس الله بكاف عبده الآية [ 39 \ 36 ] ، وقوله :
فسيكفيكهم الله الآية [ 2 \ 137 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وتستعمل لازمة ، ويطرد جر فاعلها بالباء المزيدة لتوكيد الكفاية كقوله في هذه الآية الكريمة
كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [ 17 \ 14 ] ، وقوله تعالى :
وكفى بالله وكيلا ، وقوله :
وكفى بالله حسيبا ونحو ذلك .
ويكثر إتيان التمييز بعد فاعلها المجرور بالباء ، وزعم بعض علماء العربية : أن
[ ص: 63 ] جر فاعلها بالباء لازم ، والحق أنه يجوز عدم جره بها ، ومنه قول الشاعر :
عميرة ودع إن تجهزت غاديا كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
وقول الآخر :
ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا
وعلى قراءة من قرأ : يلقاه ; بضم الياء وتشديد القاف مبنيا للمفعول ، فالمعنى : أن الله يلقيه ذلك الكتاب يوم القيامة ، فحذف الفاعل فبني الفعل للمفعول .
وقراءة من قرأ : يخرج - بفتح الياء وضم الراء مضارع خرج مبنيا للفاعل ، فالفاعل ضمير يعود إلى الطائر بمعنى العمل ، وقوله كتابا حال من ضمير الفاعل ، أي ويوم القيامة يخرج هو ، أي العمل المعبر عنه بالطائر في حال كونه كتابا يلقاه منشورا . وكذلك على قراءة يخرج - بضم الياء وفتح الراء مبنيا للمفعول - فالضمير النائب عن الفاعل راجع أيضا إلى الطائر الذي هو العمل ، أي يخرج له هو ، أي طائره بمعنى عمله ، في حال كونه كتابا .
وعلى قراءة " يخرج " بضم الياء وكسر الراء مبنيا للفاعل ، فالفاعل ضمير يعود إلى الله تعالى ، وقوله كتابا مفعول به ، أي : ويوم القيامة يخرج هو ، أي الله له كتابا يلقاه منشورا .
وعلى قراءة الجمهور منهم السبعة : فالنون في نخرج نون العظمة لمطابقة قوله : ألزمناه و كتابا مفعول به لنخرج كما هو واضح ، والعلم عند الله تعالى .