المسألة الثالثة : يفهم من إطلاق قوله تعالى :
ومن قتل مظلوما [ 17 \ 33 ] أن حكم الآية يستوي فيه
القتل بمحدد كالسلاح ، وبغير محدد كرضخ الرأس بحجر ونحو ذلك ; لأن الجميع يصدق عليه اسم القتل ظلما فيجب القصاص .
وهذا قول جمهور العلماء ، منهم
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد في أصح الروايتين .
وقال
النووي في " شرح
مسلم " : هو مذهب جماهير العلماء .
وخالف في هذه المسألة الإمام
أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقال : لا يجب القصاص إلا في القتل بالمحدد خاصة ، سواء كان من حديد ، أو حجر ، أو خشب ، أو فيما كان معروفا بقتل الناس كالمنجنيق ، والإلقاء في النار .
واحتج الجمهور على أن القاتل عمدا بغير المحدد يقتص منه بأدلة :
الأول ما ذكرنا من إطلاق النصوص في ذلك . الثاني : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك المشهور الذي أخرجه الشيخان ، وباقي الجماعة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007987أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها ، فرضخ رأسها بالحجارة ، فاعترف بذلك فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين ، رض رأسه بهما .
وهذا الحديث المتفق عليه نص صريح صحيح في محل النزاع ، تقوم به الحجة على الإمام
أبي حنيفة رحمه الله ، ولا سيما على قوله : باستواء دم المسلم والكافر المعصوم الدم كالذمي .
[ ص: 91 ] الثالث : ما أخرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهما ، عن
حمل بن مالك من القصاص في القتل بالمسطح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17405يوسف بن سعيد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
عمر رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007988أنه نشد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فقام حمل بن مالك فقال : كنت بين حجرتي امرأتين ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة ، وأن تقتل بها . وقال
أبو داود : حدثنا
محمد بن مسعود المصيصي ، حدثنا
أبو عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
عمر : أنه سأل في قضية النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقام
حمل بن مالك بن النابغة فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007989كنت بين امرأتين ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة ، وأن تقتل . قال
أبو داود : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : المسطح هو الصولج . قال
أبو داود : وقال
أبو عبيد : المسطح عود من أعواد الخباء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14273أحمد بن سعيد الدارمي ، ثنا
أبو عاصم ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه نشد الناس قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ( يعني في الجنين ) فقام
حمل بن مالك بن النابغة فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007990كنت بين امرأتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وقتلت جنينها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد ، وأن تقتل بها . انتهى من السنن الثلاث بألفاظها .
ولا يخفى أن هذا الإسناد صحيح ، فرواية
أبي داود ، عن
محمد بن مسعود المصيصي وهو ابن مسعود بن يوسف النيسابوري ، ويقال له :
المصيصي أبو جعفر العجمي نزيل
طرسوس والمصيصة ، وهو ثقة عارف . ورواية
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن
أحمد بن سعيد الدارمي ، وهو ابن سعيد بن صخر الدارمي أبو جعفر ، وهو ثقة حافظ ، وكلاهما ( أعني
nindex.php?page=showalam&ids=17022محمد بن مسعود المذكور عند
أبي داود ،
وأحمد بن سعيد المذكور عند
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ) روى هذا الحديث عن
أبي عاصم وهو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني ، وهو أبو عاصم النبيل ، وهو ثقة ثبت .
والضحاك رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وهو ثقة فقيه فاضل ، وكان يدلس ويرسل ، إلا أن هذا الحديث صرح فيه بالتحديث والإخبار عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار وهو ثقة ثبت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس وهو ثقة فقيه فاضل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن
حمل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 92 ] وأما رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فهي عن
يوسف بن سعيد ، وهو ابن سعيد بن مسلم المصيصي ثقة حافظ ، عن
حجاج بن محمد ، وهو ابن محمد المصيصي الأعور أبو محمد الترمذي الأصل نزيل
بغداد ثم
المصيصة ثقة ثبت ، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم
بغداد قبل موته ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، إلى آخر السند المذكور عند
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . وهذا الحديث لم يخلط فيه
حجاج المذكور في روايته له عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ; بدليل رواية
أبي عاصم له عند
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج كرواية
حجاج المذكور عند
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ،
وأبو عاصم ثق ثبت .
رواه
البيهقي عن
عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وجزم بصحة هذا الإسناد
ابن حجر في الإصابة في ترجمة
حمل المذكور . وقال
البيهقي في " السنن الكبرى " في هذا الحديث : وهذا إسناد صحيح ، وفيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13948أبو عيسى الترمذي في كتاب " العلل " قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمدا ( يعني البخاري ) عن هذا الحديث فقال : هذا حديث صحيح ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج حافظ اه .
فهذا الحديث نص قوي في القصاص في القتل بغير المحدد ; لأن المسطح عمود . قال
الجوهري في صحاحه : والمسطح أيضا عمود الخباء . قال الشاعر وهو
مالك بن عوف النصري :
تعرض ضيطارو خزاعة دوننا وما خير ضيطار يقلب مسطحا
يقول : تعرض لنا هؤلاء القوم ليقاتلونا وليسوا بشيء ; لأنهم لا سلاح معهم سوى المسطح والضيطار ، هو الرجل الضخم الذي لا غناء عنده .
الرابع : ظواهر آيات من كتاب الله تدل على القصاص في القتل بغير المحدد ; كقوله تعالى :
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم الآية [ 2 \ 194 ] ، وقوله :
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [ 16 \ 126 ] ، وقوله :
وجزاء سيئة سيئة مثلها [ 42 \ 40 ] ، وقوله :
ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه الآية [ 22 \ 60 ] ، وقوله :
ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس الآية [ 42 \ 41 - 42 ] .
وفي الموطأ ما نصه : وحدثني
يحيى عن
مالك ، عن
عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا . فقتله وليه
[ ص: 93 ] بعصا .
قال
مالك : والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا : أن
الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر ، أو ضربه عمدا فمات من ذلك ; فإن هذا هو العمد وفيه القصاص .
قال
مالك : فقتل العمد عندنا أن يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيض نفسه اه محل الغرض منه .
وقد قدمنا أن هذا القول بالقصاص في القتل بالمثقل هو الذي عليه جمهور العلماء ، منهم الأئمة الثلاثة ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
وحماد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
وإسحاق ،
وأبو يوسف ،
ومحمد ، نقله عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في المغني .
وخالف في ذلك
أبو حنيفة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس رحمهم الله ، فقالوا : لا قصاص في
القتل بالمثقل ، واحتج لهم بأدلة :
منها أن القصاص يشترط له العمد ، والعمد من أفعال القلوب ، ولا يعلم إلا بالقرائن الجازمة الدالة عليه ، فإن كان القتل بآلة القتل كالمحدد ، علم أنه عامد قتله ، وإن كان بغير ذلك لم يعلم عمده للقتل ; لاحتمال قصده أن يشجه أو يؤلمه من غير قصد قتله فيئول إلى شبه العمد .
ومنها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007991قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة . ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة توفيت ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها ، وأن العقل على عصبتها " .
وفي رواية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007992اقتتلت امرأتان من هذيل ; فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ; فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها " .
قالوا : فهذا حديث متفق عليه ، يدل على عدم القصاص في القتل بغير المحدد ; لأن روايات هذا الحديث تدل على القتل بغير محدد ; لأن في بعضها أنها قتلتها بعمود ، وفي بعضها أنها قتلتها بحجر .
ومنها ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
وعلي ،
وأبي بكرة رضي الله عنهم مرفوعا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007993لا قود إلا بحديدة " . وفي بعض رواياته : " كل شيء
[ ص: 94 ] خطأ إلا السيف ، ولكل خطأ أرش " .
وقد حاول بعض من نصر هذا القول من الحنفية رد حجج مخالفيهم ، فزعم أن رض النبي صلى الله عليه وسلم رأس اليهودي بين حجرين إنما وقع بمجرد دعوى الجارية التي قتلها . وأن ذلك دليل على أنه كان معروفا بالإفساد في الأرض ; ولذلك فعل به صلى الله عليه وسلم ما فعل .
ورد رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدمة بأنها مخالفة للروايات الثابتة في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم وغيرهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007994أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على عاقلة المرأة لا بالقصاص .
قال
البيهقي في ( السنن الكبرى ) بعد أن ذكر صحة إسناد الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بالقصاص من المرأة التي قتلت الأخرى بمسطح كما تقدم ما نصه : إلا أن في لفظ الحديث زيادة لم أرها في شيء من طرق هذا الحديث ، وهي قتل المرأة بالمرأة ، وفي حديث
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس موصولا ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه مرسلا ، وحديث
جابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة موصولا ثابتا أنه قضى بديتها على العاقلة ، انتهى محل الغرض من كلام البيهقي بلفظه .
وذكر
البيهقي أيضا : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار روجع في هذا الحديث بأن
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس رواه عن أبيه على خلاف رواية
عمرو ، فقال للذي راجعه : شككتني .
وأجيب من قبل الجمهور عن هذه الاحتجاجات : بأن رضه رأس اليهودي قصاص ; ففي رواية ثابتة في الصحيحين وغيرهما أن النبي لم يقتله حتى اعترف بأنه قتل الجارية ; فهو قتل قصاص باعتراف القاتل ، وهو نص متفق عليه ، صريح في محل النزاع ، ولا سيما عند من يقول باستواء دم المسلم والكافر كالذمي ;
كأبي حنيفة رحمه الله .
وأجابوا عن كون العمد من أفعال القلوب ، وأنه لا يعلم كونه عامدا إلا إذا ضرب بالآلة المعهودة للقتل بأن المثقل كالعمود والصخرة الكبيرة من آلات القتل كالسيف ; لأن المشدوخ رأسه بعمود أو صخرة كبيرة يموت من ذلك حالا عادة كما يموت المضروب بالسيف ، وذلك يكفي من القرينة على قصد القتل .
وأجابوا عما ثبت من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم على عاقلة المرأة القاتلة بعمود أو حجر بالدية من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه معارض بالرواية الصحيحة التي قدمناها عند
أبي داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
وابن [ ص: 95 ] ماجه من حديث
حمل بن مالك وهو كصاحب القصة . لأن القاتلة والمقتولة زوجتاه من كونه صلى الله عليه وسلم قضى فيها بالقصاص لا بالدية .
الثاني : ما ذكره
النووي في شرح
مسلم وغيره ، قال : وهذا محمول على حجر صغير وعمود صغير لا يقصد به القتل غالبا ، فيكون شبه عمد تجب فيه الدية على العاقلة ، ولا يجب فيه قصاص ولا دية على الجاني ، وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجماهير اه كلام
النووي رحمه الله .
قال مقيده عفا الله عنه : وهذا الجواب غير وجيه عندي ; لأن في بعض الروايات الثابتة في الصحيح : أنها قتلت بعمود فسطاط ، وحمله على الصغير الذي لا يقتل غالبا بعيد .
الثالث : هو ما ذكره
ابن حجر في " فتح الباري " من أن مثل هذه المرأة لا تقصد غالبا قتل الأخرى ، قال ما نصه :
وأجاب من قال به - يعني القصاص في القتل بالمثقل - بأن عمود الفسطاط يختلف بالكبر والصغر ، بحيث يقتل بعضه غالبا ولا يقتل بعضه غالبا ، وطرد المماثلة في القصاص إنما يشرع فيما إذا وقعت الجناية بما يقتل غالبا .
وفي هذا الجواب نظر ، فإن الذي يظهر أنه إنما لم يجب فيه القود لأنها لم يقصد مثلها وشرط القود العمد ، وهذا إنما هو شبه العمد ، فلا حجة فيه للقتل بالمثقل ولا عكسه . انتهى كلام
ابن حجر بلفظه .
قال مقيده عفا الله عنه : والدليل القاطع على أن قتل هذه المرأة لضرتها خطأ في القتل شبه عمد ; لقصد الضرب دون القتل بما لا يقتل غالبا ، تصريح الروايات المتفق عليها بأنه صلى الله عليه وسلم جعل الدية على العاقلة ، والعاقلة لا تحمل العمد بإجماع المسلمين .
وأجابوا عن حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007993لا قود إلا بحديدة " بأنه لم يثبت .
قال
البيهقي في " السنن الكبرى " بعد أن ساق طرقه عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ،
وأبي بكرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
وعلي رضي الله عنهم ما نصه :
وهذا الحديث لم يثبت له إسناد
فعلي بن هلال الطحان متروك ،
وسليمان بن أرقم ضعيف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16874ومبارك بن فضالة لا يحتج به ،
وجابر بن يزيد الجعفي مطعون فيه اه .
وقال
ابن حجر " في فتح الباري في باب إذا قتل بحجر أو عصا " ما نصه :
[ ص: 96 ] وخالف الكوفيون فاحتجوا بحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007995لا قود إلا بالسيف " وهو حديث ضعيف أخرجه
البزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي من حديث
أبي بكرة ، وذكر
البزار الاختلاف فيه مع ضعف إسناده : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : طرقه كلها ضعيفة ، وعلى تقدير ثبوته فإنه على خلاف قاعدتهم في : أن السنة لا تنسخ الكتاب ولا تخصصه .
واحتجوا أيضا بالنهي عن المثلة ، وهو صحيح ولكنه محمول عند الجمهور على غير المثلة في القصاص بين الدليلين . انتهى الغرض من كلام ابن حجر بلفظه .
وقال العلامة
الشوكاني رحمه الله تعالى في " نيل الأوطار " ما نصه :
وذهبت العترة والكوفيون ، ومنهم
أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الاقتصاص لا يكون إلا بالسيف ، واستدلوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير عند
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
والبيهقي ، بألفاظ مختلفة منها "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007995لا قود إلا بالسيف " . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ،
والبيهقي من حديث
أبي بكرة ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ،
والبيهقي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث
علي ، وأخرجه
البيهقي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
الحسن مرسلا .
وهذه الطرق كلها لا تخلو واحدة منها من ضعيف أو متروك ، حتى قال
أبو حاتم : حديث منكر . وقال
عبد الحق nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي : طرقه كلها ضعيفة . وقال
البيهقي : لم يثبت له إسناد . انتهى محل الغرض من كلام
الشوكاني رحمه الله تعالى .
ولا شك في ضعف هذا الحديث عند أهل العلم بالحديث . وقد حاول الشيخ
ابن التركماني تقويته في " حاشيته على سنن
البيهقي " بدعوى تقوية
جابر بن يزيد الجعفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16874ومبارك بن فضالة ، مع أن
جابرا ضعيف رافضي ،
ومبارك يدلس تدليس التسوية .
قال مقيده عفا الله عنه : الذي يقتضي الدليل رجحانه عندي : هو القصاص مطلقا في القتل عمدا بمثقل كان أو بمحدد ، لما ذكرنا من الأدلة ، ولقوله جل وعلا :
ولكم في القصاص حياة الآية [ 2 \ 179 ] ; لأن القاتل بعمود أو صخرة كبيرة إذا علم أنه لا يقتص منه جرأه ذلك على القتل ، فتنتفي بذلك الحكمة المذكورة في قوله تعالى :
ولكم في القصاص حياة الآية ، والعلم عند الله تعالى .