صفحة جزء
الفرع الثاني : قد علمت أن المبدأ بأيمان القسامة أولياء الدم على التحقيق كما تقدم إيضاحه ; فإن حلفوا استحقوا القود أو الدية على الخلاف المتقدم ، وإن نكلوا ردت الأيمان على المدعى عليهم ; فإن حلفوها برئوا عند الجمهور ، وهو الظاهر لقوله صلى الله عليه وسلم : " فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم " أي يبرءون منكم بذلك . وهذا قول مالك والشافعي ، والرواية المشهورة عن أحمد ، وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو الزناد والليث وأبو ثور ، كما نقله عنهم صاحب المغني .

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنهم إن حلفوا لزم أهل المحلة التي وجد بها القتيل أن يغرموا الدية ، وذكر نحوه أبو الخطاب رواية عن أحمد . وقد قدمنا أن عمر ألزمهم الدية بعد أن حلفوا ، ومعلوم أن المبدأ بالأيمان عند أبي حنيفة المدعى عليهم ، ولا حلف على الأولياء عنده كما تقدم .

الفرع الثالث : إن امتنع المدعون من الحلف ولم يرضوا بأيمان المدعى عليهم ، فالظاهر أن الإمام يعطي ديته من بيت المال ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذلك ، والله تعالى يقول : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ 33 \ 21 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية