قوله تعالى :
من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الهدى والإضلال بيده وحده جل وعلا ، فمن هداه فلا مضل له ، ومن أضله فلا هادي له .
وقد أوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جدا ; كقوله تعالى :
ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما الآية [ 17 \ 97 ] ، وقوله :
من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون [ 7 \ 178 ] ، وقوله :
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء الآية [ 28 \ 56 ] ، وقوله :
ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا الآية [ 5 \ 41 ] ، وقوله :
إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين [ 16 \ 37 ] ، وقوله تعالى :
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء [ 6 \ 125 ] والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .
ويؤخذ من هذه الآيات وأمثالها في القرآن : بطلان
مذهب القدرية ، أن العبد مستقل بعمله من خير أو شر ، وأن ذلك ليس بمشيئة الله بل بمشيئة العبد ، سبحانه جل وعلا عن أن يقع في ملكه شيء بدون مشيئته ! وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ! وسيأتي بسط
[ ص: 224 ] هذا المبحث إن شاء الله تعالى .
وقد أوضحنا أيضا في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) في سورة " الشمس " في الكلام على قوله تعالى :
فألهمها فجورها وتقواها [ 91 \ 8 ] ، وقوله :
فلن تجد له وليا مرشدا [ 18 \ 17 ] ، أي لن يكون بينه وبينه سبب للموالاة يرشده إلى الصواب والهدى ، أي لن يكون ذلك ; لأن من أضله الله فلا هادي له ، وقوله : فهو المهتد قرأه بإثبات الياء في الوصل دون الوقف
نافع وأبو عمرو ، وبقية السبعة قرءوه بحذف الياء في الحالين .