(
ومن الأنعام حمولة وفرشا ) أي وأنشأ من الأنعام حمولة ، وهي ما يحمل عليه الناس الأثقال من الإبل والبقر وهو كبارها - وهي كالركوبة لما يركب لا واحدا له من لفظه - وفرشا : وهو ما يفرش للذبح من الضأن والمعز وكذا صغار الإبل والبقر ، أو ما يتخذ الفرش من صوفه ووبره وشعره ، وقد روي نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن الحمولة ما حمل عن الإبل والفرش صغارها ، وهو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وتلميذه
مجاهد ، والرواية الأخرى عنه أن الحمولة الإبل والخيل والبغال
[ ص: 123 ] والحمير وكل شيء يحمل عليه ، والفرش الغنم ، وهذا التفسير للحمولة لغوي ، فإن الخيل والبغال والحمير ليست من الأنعام ، وعن
أبي العالية الحمولة الإبل والبقر ، والفرش الضأن والمعز ، ذكره في الدر المنثور من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عنه . قال بعضهم : وهذا ظاهر على القول أن الفرش سميت فرشا لصغرها ودنوها من الأرض . وقال
الراغب في مفرداته : والفرش ما يفرش من الأنعام ، أي يركب . وكني بالفراش عن كل واحد من الزوجين فقال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=919586 " الولد للفراش " وفلان كريم المفارش . انتهى . وفي معنى هذه الآية آيات كقوله تعالى في سورة المؤمن : (
الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ) ( 40 : 79 ، 80 ) ومثلهما في سورة يس وفي سورة النحل .
(
كلوا مما رزقكم الله ) من هذه الأنعام وغيرها وانتفعوا بسائر أنواع الانتفاع منها (
ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) بتحريم ما لم يحرمه الله عليكم ولا بغير ذلك من إغوائه ، فهو سبحانه هو المنشئ والمالك لها حقيقة ، وقد أباحها لكم وهو ربكم ، فأنى لغيره أن يحرم عليكم ما ليس له خلقا وإنشاء ولا ملكا ، ولا هو برب لكم فيتعبدكم به تعبدا ، والخطوات جمع خطوة بالضم وهي المسافة التي بين القدمين ، ومن بالغ في اتباع ماش يتبع خطواته كلما انتقل تأثره فوضع خطوه مكان خطوه ،
وتحريم ما أحل الله من أقبح المبالغة في اتباع إغواء الشيطان ; لأنه ضلال في حرمان من الطيبات لا في تمتع بالشهوات كما هو أكثر إغوائه .
(
إنه لكم عدو مبين ) هذا تعليل للنهي ، أي لا تتبعوه لأنه عدو لكم من دون الخلق مظهر للعداوة ، أو بينها أي ظاهرها بكونه لا يأمر إلا بما يفحش قبحه ويسوء فعله أو أثره في الحال أو الاستقبال ، وبالافتراء المحض على الله بغير علم كما قال تعالى : (
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) ( 2 : 169 ) وهذا حق بين لكل من حاسب نفسه وأقام الميزان لخواطرها ، ومن أجهل ممن يتبع خطوات عدوه حتى في حرمان نفسه من منافعها !