(
ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ) أي والثالث مما أتلوه عليكم - مما وصاكم به ربكم - ألا تقتلوا أولادكم الصغار من فقر واقع بكم لئلا تروهم جياعا في حجوركم ; فإنه هو الذي يرزقكم وإياهم ، أي ويرزقهم بالتبع لكم ، فالجملة تعليل للنهي ، وسيأتي في سورة الإسراء : (
ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ) ( 17 : 31 ) فقدم رزق الأولاد هنالك على رزق الوالدين - عكس ما هنا - لأنه متعلق بالفقر المتوقع في المستقبل الذي يكون الأولاد فيه كبارا كاسبين . وقد يصير الوالدون في حاجة إليهم لعجزهم عن الكسب بالكبر . ففرق في تعليل النهي في الآيتين بين الفقر الواقع والفقر المتوقع ، فقدم في كل منهما ضمان الكاسب للإشارة إلى أنه تعالى جعل كسب العباد سببا للرزق خلافا لمن يزهدونهم في العمل بشبه كفالته تعالى لرزقهم . وقد ذكرنا هذه النكتة من بلاغة القرآن في تفسير : (
وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ) ( 137 ) .