والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم هذه الآية في حكم من تاب وقبلت توبته ، فدل على أن ما سبقها هو حكم من لم يتب أو من لم تقبل توبته ، والمعنى : إن الذين عملوا السيئات من الكفر والمعاصي ثم تابوا ورجعوا من بعدها إلى الله
[ ص: 184 ] تعالى بأن رجع الكافر عن كفره وتركه وآمن بالله ورسوله ، ورجع العاصي عن عصيانه ، وأخلص الإيمان وزكاه بالعمل بموجبه ، إن ربك أيها الرسول من بعد تلك الجرائم ، أو من بعد ما ذكر من التوبة والإيمان الصحيح الباعث على العمل الصالح ، لغفور لهم ؛ أي : لستور عليهم ، محاء لما كان منهم رحيم بهم ؛ أي : منعم عليهم بالجنة ، هكذا صور المعنى في الكشاف ، ثم قال وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل ومن عداهم ، عظم جنايتهم أولا ، ثم أردفها تعظيم رحمته ، ليعلم أن
الذنوب وإن جلت وعظمت فإن عفوه وكرمه أعظم وأجل ، ولكن لا بد من حفظ الشريطة وهي وجوب التوبة والإنابة ، وما وراءه طمع فارغ ، وأشعبية باردة لا يلتفت إليها حازم ا هـ .
وأقول إن طمع أكثر الفساق بالمغفرة قد ذهب بحرمة الأمر والنهي من قلوبهم حتى استحل كثير منهم المحرمات ، وكانوا شرا ممن قالوا :
لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ( 3 : 24 ) وما طمعهم بثمرة إيمان ، بل أماني حمق وجدل على أطراف اللسان .
قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920010الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه والحاكم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس بسند صحيح .