( البشارة الرابعة )
في الآية العشرين من الباب السابع عشر من سفر التكوين وعد الله في حق
إسماعيل - عليه السلام -
لإبراهيم - عليه السلام - في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا (
وعلى إسماعيل أستجيب لك ، هوذا أباركه وأكبره وأكثره جدا فسيلد اثني عشر رئيسا وأجعله لشعب كبير ) قوله : " أجعله لشعب كبير " يشير إلى
محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يكن في ولد
إسماعيل من كان لشعب كبير غيره ، وقد قال الله - تعالى - حاكيا دعاء
إبراهيم وإسماعيل في حقه عليهم السلام في كلامه المجيد أيضا
ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ( 2 : 129 ) .
وقال الإمام
القرطبي في الفصل الأول من القسم الثاني من كتابه : وقد تفطن بعض النبهاء ممن نشأ على لسان
اليهود ، وقرأ بعض كتبهم فقال : يخرج مما ذكر من عبارة التوراة في موضعين اسم
محمد - صلى الله عليه وسلم - بالعدد على ما يستعمله
اليهود فيما بينهم : ( الأول ) قوله جدا جدا بتلك اللغة " بما دماد " وعدد هذه الحروف اثنان وتسعون ؛ لأن الباء اثنان والميم أربعون والألف واحد والدال أربعة والميم الثانية أربعون والألف واحد والدال أربعة ، وكذلك الميم من محمد أربعون والحاء ثمانية والميم أربعون والدال أربعة .
( والثاني ) قوله " لشعب كبير " بتلك اللغة " لغوي غدول " فاللام عندهم ثلاثون والغين ثلاثة ؛ لأنه عندهم في مقام الجيم - إذ ليس في لغتهم جيم ولا صاد - والواو ستة والياء عشرة والغين أيضا ثلاثة والدال أربعة والواو ستة واللام ثلاثون فمجموع هذه أيضا اثنان وتسعون ، انتهى كلامه بتلخيص ما .
وعبد السلام كان من أحبار
اليهود ثم أسلم في عهد السلطان المرحوم
بايزيد خان ، وصنف رسالة صغيرة سماها بالرسالة الهادية فقال فيها : " إن أكثر أدلة أحبار
اليهود بحرف الجمل الكبير ، وهو حرف أبجد ، فإن أحبار
اليهود حين بنى
سليمان النبي - عليه السلام -
بيت المقدس اجتمعوا وقالوا : يبقى هذا البناء أربعمائة وعشر سنين ، ثم يعرض له الخراب ؛ لأنهم حسبوا لفظة " بزأت " ثم قال : واعترضوا على هذا الدليل بأن الباء في بمادماد ليست
[ ص: 225 ] نفس الكلمة بل هي أداة وحرف جيء به للصلة فلو أخرج منه لاحتاج اسم محمد إلى باء ثانية ويقال : بيماد ماد ( قلنا ) : من المشهور عندهم إذا اجتمع الباءان ( إحداهما أداة ) ( والأخرى ) من نفس الكلمة تحذف الأداة ، وتبقى التي هي من نفس الكلمة ، وهذا شائع عندهم في مواضع غير معدودة فلا حاجة إلى إيرادها " انتهى كلامه بلفظه .
أقول : قد صرح العلماء بأن من أسمائه - صلى الله عليه وسلم - مادماد كما في شفاء القاضي
عياض .