ولكن ورد في
أخذ الذرية من بني آدم ، وإشهادهم على أنفسهم أحاديث وآثار لا يمكن أن تعرف إلا من خبر الوحي ، وقد كانت موضوع بحث ومناقشة بين علماء المنقول والمعقول فنورد أمثل ما قالوه فيها . قال الإمام
ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : .
[ ص: 327 ] " يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم ، وأنه لا إله إلا هو ، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه . قال تعالى :
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ( 30 : 30 ) وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003378كل مولود يولد على الفطرة وفي رواية
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003379على هذه الملة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ . وفي صحيح
مسلم عن
عياض بن حمار قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003380 " يقول الله : إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " ، وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر بن جرير رحمه الله : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى حدثنا
ابن وهب أخبرني
السري بن يحيى أن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن حدثهم عن
الأسود بن سريع من
بني سعد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003381غزوت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أربع غزوات قال : فتناول القوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة ، فبلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاشتد عليه ثم قال : ما بال أقوام يتناولون الذرية " ؟ فقال رجل : يا رسول الله أليسوا أبناء المشركين ؟ فقال : " إن خياركم أبناء المشركين ، ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة ، فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها ، فأبواها يهودانها وينصرانها قال
الحسن : والله لقد قال الله في كتابه :
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية . وقد رواه الإمام
أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية عن
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري به ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه من حديث
هشيم بن يونس بن
عبيد عن
الحسن ، قال : حدثني
الأسود بن سريع فذكره ، ولم يذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري واستحضاره الآية عند ذلك .
وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب
آدم عليه السلام ، وتميزهم إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، وفي بعضها الاستشهاد عليهم بأن الله ربهم ، قال الإمام
أحمد : حدثنا
حجاج حدثنا
شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003382يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به ؟ قال : فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي " أخرجاه في الصحيحين من حديث
شعبة به " .
( حديث آخر ) قال الإمام
أحمد : حدثنا
حسين بن محمد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير - يعني - ابن حازم عن
كلثوم بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003383إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل [ ص: 328 ] ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم فتلا قال : ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إلى قوله : المبطلون وقد روى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في كتاب التفسير من سننه عن
محمد بن عبد الرحيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16202صاعقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين بن محمد المروزي به ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من حديث
حسين بن محمد به . إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم جعله موقوفا . وأخرجه
الحاكم في مستدركه من حديث
حسين بن محمد وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم عن
كلثوم بن جبير به وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقد احتج
مسلم بكلثوم بن جبير هكذا قال ، وقد رواه
عبد الوارث عن
كلثوم بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فوقفه ، وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع عن
ربيعة بن
كلثوم عن
جبير عن أبيه به ، وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15683وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن بذيمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله ، وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16574العوفي وعلي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فهذا أكثر وأثبت والله أعلم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا ابن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع حدثنا أبي عن
أبي هلال عن
أبي حمزة الضبعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : أخرج الله ذرية
آدم من ظهره كهيئة الذر ، وهو في أذى من الماء . وقال أيضا : حدثنا
علي بن سهل حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16240ضمرة بن ربيعة حدثنا
أبو مسعود عن
جويبر : مات
ابن الضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام قال : فقال يا
جابر إذا أنت وضعت ابني في لحدة فأبرز وجهه ، وحل عنه عقده ، فإن ابني مجلس ومسئول ، ففعلت الذي به أمر ، فلما فرغت قلت : يرحمك الله عم يسأل ابنك ؟ من يسأله إياه ؟ قال : يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب
آدم ، قلت : يا
أبا القاسم وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب
آدم ؟ قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الله مسح صلب
آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وتكفل لهم بالأرزاق ثم أعادهم في صلبه فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول ، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يقر به لم ينفعه الميثاق الأول ، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة ، فهذه الطرق كلها مما تقوي وقف هذا على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والله أعلم .
( حديث آخر ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا
عبد الرحمن بن الوليد حدثنا
أحمد بن أبي ظبية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد عن
الأجلح عن
الضحاك عن
منصور عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال : " أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس فقال لهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى . قالت الملائكة : شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين " ،
أحمد بن أبي ظبية هذا هو أبو محمد الجرجاني قاضي قومس ، كان أحد الزهاد ، أخرج له
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه وقال :
[ ص: 329 ] nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : حدث بأحاديث كثيرة غرائب ، وقد روى هذا الحديث
عبد الرحمن بن حمزة بن مهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قوله ، وكذا رواه
جرير عن
منصور به ، وهذا أصح والله أعلم : ( حديث آخر ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح هو ابن عبادة حدثنا
مالك ، وحدثنا
إسحاق بن مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة أن
nindex.php?page=showalam&ids=16313عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن
nindex.php?page=showalam&ids=17085مسلم بن يسار الجهني أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية :
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى الآية . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل عنها فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003385إن الله خلق آدم عليه السلام ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون " فقال : يا رسول الله ففيم العمل ؟ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بأعمال أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بأعمال أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار وهكذا رواه
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
قتيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
إسحاق بن موسى عن
معن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى عن
ابن وهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة وسعيد بن عبد الحميد بن جعفر ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من رواية
أبي مصعب الزبيري كلهم عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس به قال
الترمذي : وهذا حديث حسن ،
ومسلم بن يسار لم يسمع
عمر ، وكذا قاله
أبو حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبو زرعة ، زاد
أبو حاتم وبينهما
نعيم بن ربيعة ، وهذا الذي قاله
أبو حاتم رواه
أبو داود في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17025محمد بن مصفى عن
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية عن
عمرو بن جعثم القرشي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16313عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17085مسلم بن يسار الجهني عن
نعيم بن ربيعة قال : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وقد سئل عن هذه الآية
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فذكره . وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : وقد تابع
عمرو بن جعثم بن زيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ، وقولهما أولى بالصواب من قول
مالك ، والله أعلم : ( قلت ) : الظاهر أن الإمام
مالكا إنما أسقط ذكر
نعيم بن ربيعة لما جهل حال
نعيم ، ولم يعرفه ، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث ، ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم ، ولهذا يرسل كثيرا من المرفوعات ، ويقطع كثيرا من الموصولات والله أعلم .
( حديث آخر ) قال
الترمذي عند تفسير هذه الآية : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد حدثنا
أبو نعيم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003386لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها [ ص: 330 ] من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص عينيه قال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود . قال : رب وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة . قال : أي رب قد وهبت له من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت قال : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ ، قال : أولم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته ثم قال
الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ورواه
الحاكم في مستدركه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبي نعيم الفضل بن دكين به وقال : صحيح على شرط
مسلم ولم يخرجاه ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم في تفسيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16327عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أنه حدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر نحو ما تقدم إلى أن قال :
" ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم هؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام فقال آدم : يا رب لم فعلت هذا بذريتي ؟ قال كي تذكر نعمتي . وقال آدم : يا رب من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا ؟ قال : هؤلاء الأنبياء يا آدم من ذريتك " ثم ذكر قصة
داود كنحو ما تقدم .
( حديث آخر ) قال
عبد الرحمن بن قتادة النضري عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8859هشام بن حكيم ـ رضي الله عنه ـ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003388أن رجلا سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله ابتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء قال : فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إن الله قد أخذ ذرية آدم من ظهورهم ثم أشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفيه ثم قال هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة ، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن مردويه من طرق عنه .
( حديث آخر ) روى
جعفر بن الزبير - وهو ضعيف عن
القاسم عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003389لما خلق الله الخلق وقضى القضية أخذ أهل اليمين بيمينه ، وأهل الشمال بشماله ، فقال يا أصحاب اليمين . فقالوا : لبيك وسعديك . قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى : ثم خلط بينهم ، فقال قائل له : يا رب لم خلطت بينهم ؟ قال : لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، ثم ردهم في صلب آدم رواه
ابن مردويه .
( أثر آخر ) قال
أبو جعفر الرازي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس عن
أبي العالية عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب في قوله تعالى :
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآيات . قال : فجمعهم
[ ص: 331 ] له يومئذ جميعا ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فجعلهم في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وأشهدهم على أنفسهم
ألست بربكم قالوا بلى الآية . قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم
آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا ، اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، وإني سأرسل لكم رسلا لينذروكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي ، قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فأقروا له يومئذ بالطاعة ، ورفع أباهم
آدم فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب لو سويت بين عبادك ، قال : إني أحببت أن أشكر . ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة فهو الذي يقول تعالى
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ( 33 : 7 ) الآية . وهو الذي يقول :
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله ( 30 : 30 ) الآية . ومن ذلك قال :
هذا نذير من النذر الأولى ( 53 : 56 ) ومن ذلك قال :
وما وجدنا لأكثرهم من عهد ( 7 : 102 ) الآية . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن مردويه في تفاسيرهم من رواية
أبي جعفر الرازي به ، وروي عن
مجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي وغير واحد من السلف سياقات توافق هذه الأحاديث اكتفينا بإيرادها عن التطويل في تلك الآثار كلها وبالله المستعان .
فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية
آدم من صلبه وميز بين أهل الجنة وأهل النار ، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم فما هو إلا في حديث
كلثوم بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان كما تقدم ، ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف : إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد كما تقدم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي ، ومن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عن
الأسود بن سريع ، وقد فسر
الحسن الآية بذلك قالوا ولهذا قال :
وإذ أخذ ربك من بني آدم ولم يقل من آدم من ظهورهم ، ولم يقل من ظهر ذرياتهم أي : جعل نسلهم جيلا بعد جيل ، وقرنا بعد قرن ، كقوله تعالى :
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ( 6 : 165 ) وقال :
ويجعلكم خلفاء الأرض ( 27 : 62 ) وقال :
كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ( 6 : 133 ) ثم قال :
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى أي أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالا وقالا . والشهادة تارة تكون بالقول كقوله :
قالوا شهدنا على أنفسنا ( 6 : 130 ) الآية . وتارة تكون حالا كقوله تعالى :
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ( 9 : 17 ) أي : حالهم شاهد عليهم بذلك ، لا أنهم قائلون ذلك ، كقوله تعالى :
وإنه على ذلك لشهيد ( 100 : 7 ) كما أن السؤال تارة يكون
[ ص: 332 ] بالقال ، وتارة يكون بالحال ، كقوله :
وآتاكم من كل ما سألتموه ( 14 : 34 ) قالوا : ومما يدل على أن الإشهاد حجة عليهم في الإشراك ، فلو كان قد وقع هذا كما قاله من قال لكان كل أحد يذكره ; ليكون حجة عليه ، فإن قيل : إخبار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ به كاف في وجوده ، فالجواب : أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره ، وهذا جعل حجة مستقلة عليهم ، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد ، ولهذا قال :
أن تقولوا أي : لئلا تقولوا يوم القيامة :
إنا كنا عن هذا غافلين أي : عن التوحيد غافلين :
أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا الآية . انتهى كلام
ابن كثير .
وقد بسط العلامة
ابن القيم هذه المسألة في كتاب الروح في سياق البحث في خلق الأرواح قبل الأجساد - فذكر الروايات المرفوعة والموقوفة والآثار فيها وما قيل من الجرح والتعديل في أسانيدها ثم قال : .
وهاهنا أربع مقامات ( أحدها ) أن الله سبحانه استخرج صورهم وأمثالهم ، فميز شقيهم وسعيدهم ومعافاهم من مبتلاهم . ( والثاني ) أن الله سبحانه أقام عليهم الحجة حينئذ ، وأشهدهم بربوبيته ، واستشهد عليهم ملائكته . ( الثالث ) أن هذا هو تفسير قوله تعالى :
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ( الرابع ) أنه أقر تلك الأرواح كلها بعد إخراجها بمكان وفراغ من خلقها ، وإنما يتجدد كل وقت إرسال جملة منها بعد جملة إلى أبدانها .
( فأما المقام الأول ) فالآثار متظاهرة به مرفوعة وموقوفة . ( وأما المقام الثاني ) فإنما أخذه من أخذه من المفسرين من الآية وظنوا أنه تفسيرها ، وهذا قول جمهور المفسرين من أهل الأثر . قال
أبو إسحاق : جائز أن يكون الله سبحانه جعل لأمثال الذر التي أخرجها فهما تعقل به كما قال :
قالت نملة ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم ( 27 : 18 ) وقد سخر مع
داود الجبال تسبح معه والطير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : مذهب أهل الحديث وكبراء أهل العلم في هذه الآية : أن الله أخرج ذرية
آدم من صلبه وأصلاب أولاده وهم في صور الذر ، فأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم ، وأنهم مصنوعون فاعترفوا بذلك وقبلوا ، وذلك بعد أن ركب فيهم عقولا عرفوا بها ما عرض عليهم كما جعل للجبل عقلا حين خوطب ، وكما فعل ذلك بالبعير لما سجد ، والنخلة التي سمعت وانقادت حين دعيت .
وقال
الجرجاني : ليس بين قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003390إن الله مسح ظهر آدم فأخرج منه ذريته " وبين الآية اختلاف بحمد الله ; لأنه عز وجل إذا أخذهم من ظهر آدم فقد أخذهم من ظهور ذريته ; لأن ذرية
آدم ذرية لذريته ، بعضهم من بعض . وقوله تعالى :
أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أي : عن الميثاق المأخوذ عليهم ، فإذا قالوا ذلك كانت الملائكة شهودا عليهم بأخذ الميثاق . قال : وفي هذا دليل على التفسير الذي جاءت
[ ص: 333 ] به الرواية من أن الله تعالى قال للملائكة : اشهدوا فقالوا : شهدنا . قال : وزعم بعض أهل العلم أن الميثاق إنما أخذ على الأرواح دون الأجساد ; لأن الأرواح هي التي تعقل وتفهم ، ولها الثواب وعليها العقاب ، والأجساد أموات لا تعقل ولا تفهم . قال : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى ، وذكر أنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . قال
إسحاق : وأجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد استنطقهم وأشهدهم ، قال
الجرجاني : واحتجوا بقوله تعالى :
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ( 3 : 169 ) والأجساد قد بليت ، وضلت في الأرض ، والأرواح ترزق وتفرح ، وهي التي تلذ وتألم ، وتفرح وتحزن وتعرف وتنكر ، وبيان ذلك في الأحلام موجود ، إن الإنسان يصبح وأثر لذة الفرح وألم الحزن باق في نفسه مما تلاقي الروح دون الجسد .
قال : وحاصل الفائدة في هذا الفصل أنه سبحانه قد أثبت الحجة على كل منفوس ممن يبلغ ، وممن لم يبلغ بالميثاق الذي أخذه عليهم ، وزاد على من بلغ منهم الحجة بالآيات والدلائل التي نصبها في نفسه وفي العالم وبالرسل المنفذة إليهم مبشرين ومنذرين ، وبالمواعظ بالمثلات المنقولة إليهم أخبارها ، غير أنه عز وجل لا يطالب أحدا منهم من الطاعة إلا بقدر ما لزمه من الحجة ، وركب فيهم من القدرة ، وآتاهم من الأدلة . وبين سبحانه ما هو عامل في البالغين الذين أدركوا الأمر والنهي ، وحجب عنا علم ما قدره في غير البالغين ، إلا أنا نعلم أنه عدل لا يجور في حكمه ، وحكيم لا تفاوت في صنعه ، وقادر لا يسأل عما يفعل ، له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين .