ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون أي : ساء مثل أولئك القوم الذين كذبوا بآياتنا في الأمثال ، وقبحت صفتهم في الصفات ، وما كانوا بما اختاروه لأنفسهم من الإعراض عن التفكر في الآيات ، ومن النظر إليها نظر العدو الشانئ يظلمون أحدا ، وإنما يظلمون أنفسهم وحدها بحرمانها من الاهتداء بها ، وبما يعقب ذلك من حرمان سعادة الدنيا والآخرة . هذا ما فهمته من معنى الآيات كتبته (
بمكة المكرمة ) وليس عندي شيء من كتب التفسير أستعين به على الفهم ، وكنت قرأت تفسيرها في بعض الكتب ، ولكن لم يبق منه في ذهني إلا تنازع
الأشعرية والمعتزلة في تفسير :
ولو شئنا لرفعناه بها هل يدل على مشيئة الله تعالى لضلال الرجل أم لا ؟ ، ولا شك في أن الله يفعل ما يشاء ، وأن كل شيء يقع بمشيئته ، ولكن مشيئته تجري في العالم بمقتضى سننه وتقديره - وإلا ما ورد في الرويات المأثورة من قصة الرجل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها ، وأن أكثرها على أنه من
بني إسرائيل وأن اسمه (
بلعام ) واسم أبيه (
باعورا ) وهذا مما تلقاه أولئك المفسرون من الإسرائيليات ، وصار ينقله بعضهم لثقتهم بالراوي ، لكونه ممن اغتروا بصلاحهم
nindex.php?page=showalam&ids=16850ككعب الأحبار nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ، وهاك خلاصة تلك الروايات ، منقولة عن الدر المنثور للحافظ
السيوطي .
قال رحمه الله :
قوله تعالى :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها الآية أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي [ ص: 344 ] وعبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : هو رجل من
بني إسرائيل يقال له
بلعم بن أبر ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : هو
بلعم بن باعوراء وفي لفظ
بلعام بن عامر : الذي أوتي الاسم كان في
بني إسرائيل .
وأخرج
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا الآية . قال : رجل من مدينة الجبارين يقال له
بلعم تعلم اسم الله الأكبر ، فلما نزل بهم
موسى أتاه بنو عمه وقومه فقالوا : إن
موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة ، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد عنا
موسى ومن معه ، قال : إني إن دعوت الله أن يرد
موسى ومن معه مضت دنياي وآخرتي . فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فانسلخ مما كان فيه . وفي قوله :
إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث قال : إن حمل الحكمة لم يحملها ، وإن ترك لم يهتد لخير ، كالكلب إن كان رابضا لهث وإن طرد لهث .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه الآية . قال : هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ، وكانت له امرأة له منها ولد ، فقالت : اجعل لي منها واحدة ، قال : فلك واحدة ، فما الذي تريدين ؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في
بني إسرائيل ، فدعا الله فجعلها أجمل امرأة في
بني إسرائيل ، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه ، وأرادت شيئا آخر ، فدعا الله أن يجعلها كلبة فصارت كلبة ، فذهبت دعوتان فجاء بنوها فقالوا : ليس بنا على هذا قرار ، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها ، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليه ، فدعا الله فعادت كما كانت ، فذهبت الدعوات الثلاث وسميت البسوس .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال ، هو رجل يدعى بلعم من
أهل اليمن آتاه الله آياته فتركها . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : هو
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت الثقفي ، وفي لفظ نزلت في صاحبكم
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد فتح مكة فقال لها : " هل تحفظين من شعر أخيك شيئا ؟ " قالت : نعم ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " يا فارعة إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها " .
[ ص: 345 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال :
قال nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت :
ألا رسول لنا منا يخبرنا ما بعد غايتنا من رأس نجرانا
قال : ثم خرج أمية إلى البحرين وتنبأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأقام أمية بالبحرين ثماني سنين ، ثم قدم فلقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جماعة من أصحابه ، فدعاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقرأ عليه : بسم الله الرحمن الرحيم يس والقرآن الحكيم ( 36 : 1 ، 2 ) حتى فرغ منها ، وثب أمية يجر رجليه فتبعته قريش تقول : ما تقول يا أمية ؟ قال : أشهد أنه على الحق ، قالوا : فهل تتبعه ؟ قال : حتى أنظر في أمره ، ثم خرج أمية إلى الشام وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم ، فلما أخبر بقتلى بدر ترك الإسلام ، ورجع إلى الطائف فمات بها ، قال : ففيه أنزل الله واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود قال : إني لفي حلقة فيها
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو فقرأ رجل من القوم الآية التي في الأعراف
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فقال : أتدرون من هو ؟ فقال بعضهم : هو
صيفي بن الراهب ، وقال بعضهم : هو بلعم رجل من
بني إسرائيل ، فقال : لا . فقالوا : من هو ؟ قال :
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي في هذه الآية
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو رجل من
بني إسرائيل يقال له
بلعم بن باعورا ، وكانت
الأنصار تقول : هو ابن الراهب الذي بني له مسجد الشقاق ، وكانت
ثقيف تقول : هو
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : هو
صيفي بن الراهب ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
مجاهد في الآية قال : هو نبي في
بني إسرائيل ، يعني "
بلعم " أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه ، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
فانسلخ منها قال : نزع منه العلم . وفي قوله :
ولو شئنا لرفعناه بها قال : لرفعه الله بعلمه . وأخرج
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار قال : بعث نبي الله
موسى بلعام بن باعورا إلى ملك
مدين يدعوهم إلى الله ، وكان مجاب الدعوة ، وكان من علماء
بني إسرائيل ، فكان
موسى يقدمه في الشدائد ، فأقطعه وأرضاه فترك دين
موسى وتبع دينه ، فأنزل الله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
كعب في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا قال : كان يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
قتادة في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : هذا مثل ضربه الله لمن عرض عليه
[ ص: 346 ] الهدى فأبى أن يقبله وتركه .
ولو شئنا لرفعناه بها قال : لو شئنا لرفعناه بإيتائه الهدى ، فلم يكن للشيطان عليه سبيل ، ولكن الله يبتلي من يشاء من عباده
ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه قال : أبى أن يصحب الهدى ، فمثله
كمثل الكلب الآية ، قال : هذا مثل الكافر ميت الفؤاد كما أميت فؤاد الكلب .
وأخرج
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : أناس من
اليهود والنصارى والحنفاء ممن أعطاهم الله من آياته وكتابه فانسلخوا منها فجعلهم مثل الكلب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
مجاهد في قوله :
ولو شئنا لرفعناه بها قال : لدفعنا عنه بها
ولكنه أخلد إلى الأرض قال : سكن
إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث : إن تطرده بدابتك ورجليك ، وهو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في قوله :
ولكنه أخلد إلى الأرض قال : ركن ، نزع . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
الحسن في قوله :
إن تحمل عليه قال : إن تسع عليه ، وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في قوله :
إن تحمل عليه يلهث قال : الكلب منقطع الفؤاد لا فؤاد له ، مثل الذي يترك الهدى ، لا فؤاد له ، إنما فؤاده منقطع كان ضالا قبل أو بعد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر قال : سئل
أبو المعتمر عن هذه الآية
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فحدث عن سيار : أنه كان رجلا يقال له : "
بلعام " وكان قد أوتي النبوة ، وكان مجاب الدعوة ثم إن
موسى أقبل في
بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها "
بلعام " فرعب الناس منه رعبا شديدا فأتوا
بلعام فقالوا : ادع الله على هذا الرجل قال : حتى أؤامر ربي فآمر في الدعاء عليهم فقيل له : لا تدع عليهم : ، فإن فيهم عبادي ، وفيهم نبيهم . فقال لقومه : قد آمرت في الدعاء عليهم ، وإني قد نهيت ، قال : فأهدوا إليه هدية فقبلها ، ثم راجعوه فقالوا : ادع الله عليهم ، فقال : حتى أؤامر ، فآمر فلم يحار إليه شيء ، فقال : قد آمرت فلم يحار إلي شيء ، فقالوا : لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك المرة الأولى ، فأخذ يدعو عليهم فإذا دعا جرى على لسانه الدعاء على قومه فإذا أرسل أن يفتح على قومه جرى على لسانه أن يفتح على
موسى وجيشه ، فقالوا : ما نراك إلا تدعو علينا . قال : ما يجري على لساني إلا هكذا ، ولو دعوت عليهم ما استجيب لي ، ولكن سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم . إن الله يبغض الزنا ، وإن هم وقعوا بالزنا هلكوا ، فأخرجوا النساء فإنهم قوم مسافرون فعسى أن يزنوا فيهلكوا .
[ ص: 347 ] فأخرجوا النساء تستقبلهم فوقعوا بالزنا ، فسلط الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا ، وأخرج
أبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في قوله :
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال : كان اسمه " بلعلم " وكان يحسن اسما من أسماء الله ، فغزاهم
موسى في سبعين ألفا ، فجاءه قومه فقالوا : ادع الله عليهم ، وكانوا إذا غزاهم أحد أتوه فدعا عليهم فهلكوا ، وكان لا يدعو حتى ينام فينظر ما يؤمر به في منامه ، فنام ، فقيل له : ادع الله لهم ولا تدع عليهم ، فاستيقظ فأبى أن يدعو عليهم ، فقال لهم : زينوا لهم النساء فإنهم إذا رأوهن لم يصبروا حتى يصيبوا من الذنوب فتدالوا عليهم .
ذلك ما لخصه
السيوطي عن رواة التفسير المأثور ، وكله مما انخدع به بعض الصحابة والتابعين من الإسرائيليات إن صحت الروايات عنهم ، وبعضها قوي السند . وقد أورد
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر في تاريخه جل هذه الروايات ، وزاد عليها وانتقد بعضها ، وذكر أن من رواتها
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأخبار nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ، ومما عزاه إلى رواية
وهب وفيه مخالفة لغيره أن قصة
بلعام كانت في قتال
فرعون من الفراعنة لأمة
موسى بعد وفاته ، وأن
بلعام من أنبياء
بني إسرائيل ، وذكر عنه رواية أخرى ، وقال بعد سياق طويل للقصة لا حاجة إلى نقله ما نصه :
" وحكيت هذه القصة عن
كعب ، وفيها أن معسكر
موسى عليه السلام كان
بأرض كنعان من
الشام ، بين
أريحا وبين
الأردن وجبل
البلقاء والتيه فيما بين هذه المواضع ، ثم ساق القصة على نمط ما تقدم إلا أن فيها بدل " اندلع لسانه " وجاءته لمعة فأخذت بصره فعمي .
" وحكي عن
وهب أنه قال : إن
بلعام أخذ أسيرا فأتي به إلى
موسى فقتله ( قال ) : وهكذا كانت سنتهم ، أنهم يقتلون الأسرى ( قال ) : فقوله تعالى :
فانسلخ منها يقول : الاسم الأعظم الذي أعطاه الله عز وجل إياه .
وروى
محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : "
كان مثل بلعلم بن باعورا في بني إسرائيل كمثل nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة " ( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ) قلت : والحديث موقوف على
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، فتأمل ( ؟ ؟ ) ( قال ) " وأقول : في الإصحاح الثاني والعشرين من سفر العدد من التوراة ذكر
بلعام وقصته مطولة ، وهي أشبه برواية
وهب غير أن الذين دونوا التوراة الموجودة اليوم برءوا
بلعام فقالوا : إنه ذهب إلى منزله ، ولم يدع على
بني إسرائيل ولم يصبه شيء . فإن كانت الآيات نزلت في حكاية
بلعام فيكون القرآن قد أظهر ما كتمه التوراتيون ، وأظهر ما خبؤوه ، ويكون هذا من جملة المعجزات الدالة على أن القرآن من عند الله تعالى ، وإن كانت في غيره فالله أعلم بمن نزلت ; على أن الصحيح أن الآيات شاملة لكل من كانت هذه صفته من كل من آتاه الله الآيات التي هي الحجج التي جاء بها الأنبياء ثم إنه انسلخ منها - إلى أن قال - والصواب
[ ص: 348 ] في تفسير هذه الآية : أنه لا يخص منه شيء إذا كان لا دلالة على خصوصه من خبر ولا عقل " انتهى المراد من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر .
أقول : إن هذا الحافظ كان مطلعا على التوراة التي في أيدي
أهل الكتاب ، وهي عين التي بين أيدينا منها إلا ما في اختلاف الترجمات القديمة والحديثة من الفروق ، وهي وإن كان فيها اختلاف في المعاني فلن يصل إلى الحد الذي في روايات
وهب وكعب وغيرهما من رواة الإسرائيليات الكاذبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر يرجح قول وهب على ما في التوراة ; لأنه ثقة عنده في الرواية ، ويعد روايته دليلا على معجزة للقرآن ، ولو ذكر القرآن أن الرجل الذي آتاه الله آياته هو
بلعام هذا ، أو لو صح هذا في خبر مسند متصل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكان صحيحا ، ولكن يجب أن نعلم من أين جاء
وهب بهذه القصة ، وهو لم يكن إلا راويا لما عند
أهل الكتاب ، وما قاله مخالف لما عندهم .
وقصة
بلعام مفصلة في الفصول ( 22 - 24 ) من سفر العدد ، وفيها أنها وقعت في " عربات موآب من عبر
أردن أريحا " من
أرض مدين كما نقول ( أو مديان كما يقولون ) وأن
بالاق بن صفور ( بكسر الصاد المهملة وتشديد الفاء ) ملك الموآبيين طلب من
بلعام بن باعور أن يلعن
بني إسرائيل ; لينصره الله عليهم ووعده بمال كثير ، فأوحى الله إلى
بلعام ألا يفعل فلم يفعل .
وفي قاموس الكتاب المقدس للدكتور "
بوست " أن
بلعام هذا من قرية
فثور من بين النهرين قال : وكان نبيا مشهورا في جيله ، والظاهر أنه كان موحدا يعبد الله ( ! ! ) وليس ذلك بعجيب ; لأنه من وطن
إبراهيم الخليل ، حيث يظن أن جرثومة تلك العبادة كانت لم تزل معروفة عند أهل تلك البلاد ما بين النهرين في أيام ذلك الرجل ، وقد ذاع صيت هذا النبي بين أهل ذلك الزمان ، فعلا شأنه ، وصارت الناس تقصده من جميع أنحاء البلاد ليتنبأ لهم عن أمور مختصة بهم ، أو ليباركهم ويبارك مقتنياتهم وما أشبه " ثم ذكر حكاية ملك موآب معه ، فعلى ذلك يكون بلعام عراقيا لا إسرائيليا ولا موآبيا .
وذكر
البستاني في دائرة المعارف العربية ملخص قصة
بلعام " ثم قال : وبعض مفسري ( الكتاب المقدس ) المدققين ذهب إلى أن قصة "
بلعام " المدرجة في سفر العدد من الإصحاح ( 22 - 24 ) دخيلة إلخ . فتأمل ! .
وجملة القول : أن هذه الروايات الإسرائيلية لا يعتد بشيء منها ، ولا قيمة لأسانيدها ; لأن من ينتهي إليه السند قد اغتر ببعض ملفقي الإسرائيليات حتما ، وقد رأينا شيخ المفسرين
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير لم يعتد بها . ونرجو - وقد راجعنا أشهر ما لدينا من كتب التفسير - أن يكون ما بينا به معنى الآيات أصحها وأكبرها فائدة .
[ ص: 349 ] وأكبر وجوه العبرة فيها ما نراه من حال علماء الدنيا اللابسين لباس علماء الدين ، الذين هم أظهر مظاهر المثل في الانسلاخ من آيات الله ، والإخلاد إلى الأرض ، واتباع أهوائهم وتفانيهم في إرضاء الحكام ، وإن كانوا مرتدين ، والعوام وإن كانوا مبتدعة خرافيين ، وهم فتنة للنابتة العصرية تصدهم عن الإسلام ، وللعوام في الثبات على الخرافات والأوهام ، ومنها عبادة القبور بدعاء موتاها فيما لا يطلب إلا من الله تعالى ، والطواف بها والنذر لها وغير ذلك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .