الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فـ " الذين " هذه بدل من الأولى أو عطف بيان لها ، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقد مع يهود
المدينة عقب هجرته إليها عهدا أقرهم فيه على دينهم ، وأمنهم على أنفسهم وأموالهم ، فنقض كل منهم عهده ، فقوله تعالى : منهم قيل : معناه أخذت العهد منهم وقيل : " من " صلة والمراد عاهدتهم ، والمتبادر أنها للتبعيض أي عاهدت بعضهم ، والمراد بهم طوائف
يهود المدينة ، ولا يظهر التبعيض فيه إلا إذا كانت الآيات في يهود بلاد العرب كلهم ، وقيل :
قريظة ، بناء على أن أصل الكلام في
يهود المدينة وهم منهم ، وقيل : زعماؤهم الذين تولوا عقد العهد معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بناء على أن أصل الكلام في
بني قريظة ، وإنما قال : ( ينقضون ) بفعل الاستقبال مع أنهم كانوا قد نقضوه قبل نزول الآية ، لإفادة استمرارهم على ذلك ، وأنه لم يكن هفوة رجعوا عنها ، وندموا عليها كما سيأتي عن بعضهم ، بل أنهم ينقضونه في كل مرة وإن تكرر ، وهو يصدق على عهود طوائف اليهود الذين كانوا حول
المدينة في جملتهم ، وهم ثلاث طوائف كما سيأتي ، ويصدق على
بني قريظة وحدهم وكانوا أشدهم كفرا ، فقد روي أنه تكرر عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم . قال بعض المفسرين ، وعزى إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هم
بنو قريظة ، نقضوا عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعانوا عليه بالسلاح في يوم بدر ثم قالوا نسينا وأخطأنا ، فعاهدهم الثانية فنقضوا العهد ، ومالئوا الكفار على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الخندق ، وركب زعيمهم
كعب بن الأشرف إلى
مكة فحالفهم على محاربة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وهم لا يتقون الله في نقض العهد ، ولا يتقون ما قد يترتب عليه من قتالهم والظفر بهم . وسيأتي بعض التفصيل لمعاملة نبي الرحمة ورسول السلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لليهود بعد تفسير هذه الآيات .