[ ص: 116 ] 10 - سورة يونس
( السورة العاشرة في المصحف وآياتها 109 عند الجمهور وعند
الشامي 110 )
هي
مكية نزلت بعد سورة الإسراء (
بني إسرائيل ) وقيل سورة
هود . وما رواه
ابن مردويه من طريق
عثمان بن عطاء عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من كونها
مدنية غلط مخالف للروايات الكثيرة عنه وعن غيره بل للإجماع الذي يؤيده موضوع السورة من أولها إلى آخرها فهو يدور على إثبات أصول التوحيد وهدم الشرك وإثبات الرسالة والبعث والجزاء ودفع الشبهات عنها وما يتعلق بذلك من مقاصد الدين الأصلية التي هي موضوع السور المكية ،
وعثمان بن عطاء ضعيف متروك لا يحتج بروايته فيما يحتمل الصواب فكيف ينظر إليها في مثل هذه المسألة ، ولكن الرواة لم يتركوا متردما ، وقال
السيوطي في الإتقان : استثني منها : ( فإن كنت في شك ) الآيتين ( 94 و 95 ) - وقوله (
ومنهم من يؤمن به ) ( 10 - 40 ) الآية قيل : نزلت في
اليهود ، وقيل : من أولها إلى رأس أربعين مكي والباقي مدني : حكاه
ابن الفرس والسخاوي في جمال القراء انتهى . وأقول : إن موضوع السورة لا يقبل هذا من جهة الدراية ، وهو مما لم تثبت به رواية . وكون المراد : بــ (
الذين يقرءون الكتاب ) في الآية ( 94 )
اليهود لا يقتضي أن تكون نزلت في
المدينة . وبيانه من وجهين ( أحدهما ) أن المراد بالشرطية فيها الفرض لا وقوع الشك حقيقة ; ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ( لا أشك ولا أسأل ) ) وهو مرسل يؤيده قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري كما سيأتي في تفسيرها ( وثانيهما ) أن هذا المعنى نزل في سور مكية أخرى كقوله تعالى في سورة الإسراء (
فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم ) ( 17 : 101 ) وقوله في سورتي النحل الآية ( 43 ) والأنبياء الآية ( 7 ) (
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
ووجه مناسبتها لما قبلها أن تلك ختمت بذكر رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه افتتحت بها ، وأن جل تلك في بيان
أحوال المنافقين ومنه ما كانوا يقولونه ، وما كانوا يفعلونه عند نزول القرآن كالآيات ( 124 - 127 ) وهذه في أحوال الكفار ، ومنها ما كانوا يقولونه في القرآن كالآيات ( 15 و 16 و 17 و 37 - 40 ) .
[ ص: 117 ] واعلم أن التناسب الذي يوجد بين السور ليس سببا في هذا الترتيب الذي بينها ، فرب سورتين بينهما أقوى التناسب في موضوع الآيات ومسائلها يفصل بينهما تارة ويجمع بينهما أخرى ، فمن الأول الفصل بين سورتي الهمزة واللهب وموضوعهما واحد ، والفصل بين السور المبدوءة بلا تسبيح بسورة المنافقين . ويقابلها من الوجه الثاني الوصل بين سور الطواسين وسور آل حاميم ، وبين سورتي المرسلات والنبأ وسورتي التكوير والانفطار ، وربما يقال إن
التناسب بين أكثر السور المكية أقوى منه بينها وبين السور المدنية . ومن حكمة الفصل بين القوية التناسب في المعاني كالمكية التي موضوع أكثرها العقائد والأصول العامة والزواجر الصادعة ، والمدنية التي موضوع أكثرها الأحكام العملية - أنه أدنى إلى تنشيط تالي القرآن بالترتيب وأنأى به عن الملل ، وأدعى له إلى التدبر ، فهذه الحكمة تشبه حكمة تفريق مقاصد القرآن في السورة الواحدة من عقائد وقواعد وأحكام عملية ، وحكم أدبية ، وترغيب وترهيب ، وبشارات ونذر ، وأمثال وقصص ، والعمدة في كل ذلك التوقيف والاتباع .
وهأنذا أشرع في تفسير السورة ملتزما فيها القصد والاختصار في كل ما سبق له بيان مفصل في تفسير السور السابقة ولا سيما السورتين المكيتين من السور الطول - الأنعام والأعراف - وإنما أبسط القول فيما لم أبسطه فيه تمام البسط من قبل ، وأهمه في هذه السورة مسألة الوحي .