علاج خرافة تصرف الأولياء في الكون :
أما الذين يشركون بالله في عبادته بجهلهم لآياته ، وتقليد أمثالهم من الجاهلين في خرافاتهم فلا علاج لهم إلا تعليمهم توحيد الله الخالص في ربوبيته وألوهيته بآيات القرآن ، دون نظريات كتب الكلام ، وتعليمهم وظائف الرسل وكونهم بشرا ، اختصهم الله تعالى بوحيه لتبليغ عباده ما ارتضاه لهم من الدين بالقول والعمل ، وحصر اختصاصهم بالتعليم والإرشاد تبشيرا وإنذارا وتنفيذ أحكام شرعه فيهم بالعدل والمساواة ، ولم يؤتهم من التصرف الفعلي في خلقه ما يقدرون به على هداية أقرب الناس وأحبهم إليهم بالطبع كالوالد والولد والزوجة ومن دونهم من أولي القربى ، فوالد
إبراهيم الخليل عاش كافرا ومات كافرا عدوا لله ورسوله وخليله وولد
نوح [ ص: 189 ] أول الرسل إلى الأمم مات كافرا ولم يأذن الله تعالى له بحمله في السفينة فكان من الكافرين المغرقين ، وكان
أبو لهب عم
محمد حبيب الله ورسوله أشد أعدائه الصادين عنه المؤذين له ، وأنزل الله في ذمه ووعيده سورة من القرآن يتعبد بها المؤمنون إلى يوم القيامة ، لم ينزل مثلها في أحد من أعدائه وأعداء رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بل كان من كمال حكمة الله تعالى أن عمه الذي كفله ورباه وكف عنه أذى المشركين ما استطاع لم يؤمن به ، وقد عرض عليه أن ينطق بكلمة ( ( لا إله إلا الله ) ) ليشهد له بها يوم القيامة فامتنع فأنزل الله تعالى فيه : (
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) رواه
مسلم في صحيحه ، وقد شرحنا هذا الموضوع في تفسير قوله تعالى : (
وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) ( 6 : 74 ) الآيات ، ثم بينا في خلاصة هذه السورة ( الأنعام ) وظائف الرسل عليهم السلام بما يحسن أن يراجعه من يحب استيفاء هذا الموضوع وإذا كان الأنبياء المرسلون لم يؤتوا القدرة على التصرف في الكون فكيف يؤتاه الأولياء وغيرهم ؟