( دحض شبهة ، وإقامة حجة )
يتوهم بعض المقلدين أن دعوة المسلمين إلى الاهتداء بالكتاب والسنة والاستقلال في فهمهما التي اشتهر المنار في عصرنا بها ، هي التي جرأت بعض الجاهلين على
دعوى الاجتهاد في الشريعة والاستغناء عن تقليد الأئمة والانتقاد عليهم وعلى اتباعهم بما هو ابتداع جديد ، واستبدال للفوضى بالتقليد ، وهو وهم سببه الجهل بالدين وبالتاريخ فمذاهب الابتداع والإلحاد قديمة قد نجمت قرونها في خير القرون وعهد أكبر الأئمة ، وكان أشدها إفسادا للدين الدعوة إلى اتباع الأئمة المعصومين الذين لا يسألون عن الدليل ، على خلاف ما كان عليه أئمة السنة من تحريم
اتباع أحد لذاته في الدين بعد محمد المعصوم الذي لا معصوم بعده - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن المقلدين لهؤلاء المحرمين للتقليد قد اتبعوا القائلين بعصمة أئمتهم ، حتى ملاحدة الباطنية منهم ، فهم يردون نصوص الكتاب والسنة بأقوال أئمتهم بل بأقوال كل من ينتمي إليهم من أدعياء العلم . وإنما تروج البدع في سوق التقليد الذي يتبع أهله كل ناعق ، لا في سوق الاستقلال والأخذ بالدلائل
[ ص: 209 ] ومن باب التقليد دخل أكثر الخرافات على المسلمين ، لانتساب جميع الدجالين من أهل الطرائق وغيرهم إلى أئمة المذاهب المجتهدين ، وهم في دعوى اتباعهم من الكاذبين ، ونحن دعاة العلم الصحيح والاهتداء بالكتاب والسنة أحق منهم باتباع الأئمة .
إن في كتب التفسير والفقه والتصوف وشروح الأحاديث للعلماء المنسوبين إلى الأئمة كثيرا من البدع والخرافات التي يتبرأ منها أئمة الهدى ، وترى علماء الرسوم الجامدين يحتجون بذكرها في هذه الكتب على شرعيتها وعلى رد نصوص الكتاب والسنة الصحيحة بها ، وصاحب المنار قد انفرد دون علماء
مصر بالرد على هؤلاء ، وعلى
البابية والبهائية والقاديانية والتيجانية والقبوريين وسائر مبتدعة عصرنا ، ولله الحمد والمنة .