( القاعدة الثانية في
الغرض من الحرب ونتيجتها )
وهي أن تكون الغاية الإيجابية من القتال - بعد دفع الاعتداء والظلم واستتباب الأمن - حماية الأديان كلها ، وعبادة المسلمين لله وحده ، ومصلحة البشر ، وإسداء الخير إليهم ، لا الاستعلاء عليهم والظلم لهم ، والشاهد الأول عليه قوله تعالى بعد الإذن الأول بالقتال الدفاعي للمظلومين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق لأجل عبادة الله وحده : (
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) ( 22 : 40 و 41 ) .
ذكر في تعليل إذنه لهم بالقتال المذكور ثلاثة أمور .
( أولها ) كونهم مظلومين معتدى عليهم في أنفسهم ، ومخرجين نفيا من أوطانهم وأموالهم لأجل دينهم وإيمانهم ، وهذا سبب خاص بهم بقسميه الشخصي والوطني ، أو الديني والدنيوي .
( ثانيها ) أنه لولا إذن الله للناس بمثل هذا الدفاع ، لهدمت جميع المعابد التي يذكر فيها اسم الله تعالى أتباع الأنبياء ، كصوامع العباد وبيع
النصارى وصلوات
اليهود ( كنائسهما ) ومساجد المسلمين بظلم عباد الأصنام ومنكري البعث والجزاء ، وهذا سبب ديني عام صريح في حرية الدين في الإسلام وحماية المسلمين لها ولمعابد أهلها وكذلك كان .
[ ص: 230 ] ( ثالثها ) أن يكون غرضهم من التمكن في الأرض والحكم فيها إقامة الصلاة المزكية للأنفس بنهيها عن الفحشاء والمنكر كما وصفها تعالى ، والمربية للأنفس على مراقبة الله وخشيته ومحبته وإيتاء الزكاة المصلحة للأمور الاجتماعية والاقتصادية - والأمر بالمعروف الشامل لكل خير ونفع للناس - والنهي عن المنكر الشامل لكل شر وضر يلحق صاحبه أو غيره من الناس .