(
فلاح الجماعات والأمم بتكافل المصلحين فيها ) :
( الشاهد الخامس ) قوله - عليه السلام - في جوابه لهم : -
وما أنا بطارد الذين آمنوا - 29 الآية ، مبني على سنن الاجتماع في الزعامة والعصبية ، وتأليف الجماعات التي تحدث الانقلابات في الأمم ، وكون ثباتها وظفرها رهنا بإيمان الجماعة التي تألفت لأجله إيمان يقين عقلي ، ووجداني قلبي ، وتكافل عملي ، ومنه ولاية بعضهم لبعض بصفة يكون فيها الزعيم خير قدوة للأفراد ، بتفضيله أدنى المؤمنين منهم على أعظم الكبراء من خصومهم ، فأما الرسل عليهم السلام فقد هداهم الوحي إلى هذه السنة كما تقدم في بيان سنته - تعالى - في عداوة كبراء الدنيا من المتكبرين لهم ، وأما زعماء الأمم في القرون الأخيرة فقد هدتهم إليها عبر التاريخ والتجارب ، إلى أن دون علماء فلسفة التاريخ علم الاجتماع وفصلوا فيه سنته فعملوا به ، وكان إمامهم حكيمنا العربي
ابن خلدون رضي الله عنه .