[ 6 ]
واستشهدوا شهيدين من رجالكم أي اطلبوا أن يشهد على ذلك رجلان ممن حضر ذلك منكم أو أشهدوها على ذلك ،
فالشهيد من شهد الشيء وحضره بإمعان ، كما يؤخذ من صيغة المبالغة ، واستشهده سأله أن يشهد ; أي أن تكون شاهدا بذلك عند الحاجة إليه ، ويطلق الشهيد على الأمين في الشهادة كما في القاموس ولعل الوصف منتزع من صيغة المبالغة ، ولكن حمل هذا التفسير على الشهيد اسما لله - تعالى - ولا دليل على التخصيص ، والسياق يدل مع الصيغة على أن وصف الكمال معتبر فيمن يستشهد ، كما اعتبر مثله في الكاتب والولي ، وما بيناه في معنى الشهيد يرد قول القائلين : إن المراد بالشهيدين من سيكونان شاهدين بذلك الحق من باب مجاز الأول ، وقوله :
من رجالكم والخطاب للمؤمنين يدل على أنهم لا يستشهدون من لم يكن منهم ، وكون استشهاد غيرهم ليس مشروعا لهم أو ليس جائزا عملا بمفهوم الصفة لا يعد نصا على أن شهادته إذا هو شهد لا تصح أو لا تدل على شيء ، ولكن العلماء اتفقوا على
شروط في الشهادة الشرعية منها : الإسلام والعدالة ; لهذه الآية ولقوله :
وأشهدوا ذوي عدل منكم [ 65 :2 ] وجعلوا قوله - تعالى - في آية الوصية :
اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم [ 5 :106 ] خاصا بمثل تلك الواقعة ، وأولها بعضهم بغير ذلك كما يأتي في محله ، ولا أحفظ عن الأستاذ الإمام شيئا في المسألة ، وقد حقق العلامة
ابن القيم أن البينة في الشرع أعم من الشهادة ، فكل ما تبين به الحق بينه ، كالقرائن القطعية ، ويمكن أن تدخل شهادة غير المسلم في البينة بهذا المعنى الذي استدل عليه بالكتاب والسنة واللغة إذا تبين للحاكم بها الحق .