قال : أما قوله - تعالى - :
أو ما ملكت أيمانكم فهو معطوف على قوله :
فواحدة أي فالزموا زوجا واحدة ، أو أمسكوا زوجا واحدة مع العدل - وهذا فيمن كان متزوجا كثيرات - أو الزموا ما ملكت أيمانكم واكتفوا بالتسري بهن بغير شرط
ذلك أدنى ألا تعولوا أي أقرب إلى عدم العول ، وهو الجور ، فإن
العدل بين الإماء في الفراش غير واجب إذ لا حق لهن فيه ، وإنما لهن الحق في الكفاية بالمعروف . وهذا لا يفيد حل ما جرى عليه المسلمون منذ قرون كثيرة من الإسراف في التمتع بالجواري المملوكات بحق ، أو بغير حق ، مهما ترتب على ذلك من المفاسد كما شوهد ، ولا يزال يشاهد في بعض البلاد إلى الآن انتهى كلامه - رحمه الله تعالى - . وأتذكر أنني سمعت منه أنه يرى عدم الزيادة في الإماء على أربع ، ولكنني لم أر ذلك مكتوبا عندي .
أقول : هذا ، وإن
تعدد الزوجات خلاف الأصل الطبيعي في الزوجية ، فإن الأصل أن يكون للرجل امرأة واحدة يكون بها كما تكون به زوجا ، ولكنه ضرورة تعرض للاجتماع ، ولاسيما في الأمم الحربية كالأمة الإسلامية . فهو إنما أبيح للضرورة ، واشترط فيه عدم الجور ، والظلم . ولهذه المسألة مباحث أخرى كبحث حكمة التعدد ، والعدد ، وبحث إمكان منع الحكام لمفاسد التعدد بالتضييق فيه إذا عم ضرره كما هي الحال في البلاد المصرية كما يقال ، فإن الذين يتزوجون أكثر من واحدة يكثرون هنا ما لا يكثرون في بلاد
الشام ، وبلاد
الترك مع كون الأخلاق في البلاد المصرية أشد فسادا منها هناك في الغالب . ولنا في حكمة التعدد فتوى نشرناها في المجلد السابع من المنار هذا نصها .