فإن كن نساء أي فإن كان الأولاد - وأنث الضمير باعتبار الخبر - وقيل : المولودات ، أو الوارثات نساء ليس معهن ذكر :
فوق اثنتين أي زائدات على اثنتين مهما بلغ عددهن
فلهن ثلثا ما ترك والدهن المتوفى ، أو والدتهن وإن كانت المولودة ، أو الوارثة امرأة واحدة ونصب " واحدة " هو قراءة الجمهور ، وقرأها
نافع بالرفع على أن كان تامة ، أي فإن وجدت امرأة واحدة ليس معها أخ ولا أخت
فلها النصف مما ترك ، والباقي لسائر الورثة ، يعرف حق كل منهم من محله .
هذا ما ذكره - تعالى - في إرث الأولاد وهم أقرب الطبقات إلى الميت ، وقد فصل فيه فروض الإناث منهم ، وهو أنهن إذا كن مع الذكور كان للذكر مثل حظ الأنثيين منهن ، فإذا كانا ذكرا ، وأنثى مثلا أخذ الذكر الثلثين ، والأنثى الثلث ، وإذا كانوا ذكرا ، وأنثيين أخذ الذكر النصف والأنثيان النصف الآخر لكل منهما نصفه ، وهو ربع التركة ، وعلى هذا القياس .
وإذا كن منفردات بالإرث كان الحكم فيهن ما ذكره ، وهو
النصف للواحدة ، والثلثان للجمع ، وسكت عن الثنتين ، فاختلف فيهما ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن لهما النصف كالواحدة ،
[ ص: 340 ] والجمهور على أن لهما الثلثين كالجمع ، وعليه العمل من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث
جابر الذي تقدم ، واستدلوا له بوجوه أظهرها اثنان :
( أحدهما ) : ما قاله
أبو مسلم من أنه يستفاد من قوله - تعالى - :
للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك أن الذكر مع الأنثى الواحدة يرث الثلثين فيكون الثلثان هما حظ الأنثيين ، فهو يرى أن حكمها مأخوذ من منطوق الآية ، ويدل له عطف حكم الجمع منهن وما يتلوه من حكم الواحدة بالفاء .
( وثانيهما ) : القياس على الأخوات ; فإنه ذكر حكمهن في آخر السورة ، ومنه قوله :
فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك [ 4 : 176 ] ، وأقول : يمكن أن يؤخذ ذلك من مجموع الكلام على إرث البنات هنا والأخوات في آخر السورة بطريق آخر ، فقد ترك هناك حكم الجمع من الأخوات كما ترك هنا حكم الاثنتين من البنات ، فيؤخذ من كل من الآيتين حكم المتروك من الأخرى فهو من قبيل الاحتباك . وسنعيد بيانه في حجب الإخوة للأم .
ولست أرضى قول من قال : إن كلمة فوق زائدة ، ولا قول من قال : إن المعنى اثنتين ففوق .
وقد علم من هذا التفصيل في الإناث أن البنات لا يستغرق فرضهن التركة ، وفهم منه أن
الولد الذكر إذا انفرد يأخذ التركة كلها ، وإذا كان معه أخ له فأكثر كانت التركة بينهما ، أو بينهم بالمساواة . ثم انتقل من حكم الأولاد إلى حكم الوالدين ، وهم في المرتبة الثانية من مستحقي الأقربين الذين يتصلون بالميت بغير واسطة فقال :