قال تعالى :
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ، وقد كثر الاختباط في تفسير هذه الآية ، والحق أن قيد عدم الوجود راجع إلى قوله :
أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء ، فتكون الأعذار ثلاثة : السفر ، والمرض ، وعدم الوجود في الحضر ، وهذا ظاهر على قول من قال : إن القيد إذا وقع بعد جمل متصلة كان قيدا لآخرها ، وأما من قال : إنه يكون قيدا للجميع إلا أن يمنع مانع فكذلك أيضا ; لأنه قد وجد المانع هاهنا من تقييد السفر والمرض بعدم الوجود للماء ، وهو أن كل واحد منهما عذر مستقل في غير هذا الباب كالصوم ، ويؤيد هذا أحاديث التيمم التي وردت مطلقة ومقيدة بالحضر ، انتهى من شرحه للروضة الندية ، وقد اتفق لي أن رأيته عند أحد الأصدقاء بعد كتابة تفسير الآية وإرساله من
القسطنطينية إلى
مصر ليطبع فيها ، فألحقته بهذه المسألة .
ولا يخفى أن الاحتياط : الأخذ بالعزيمة وعدم ترك الطهارة بالماء إلا لمشقة شديدة ، وناهيك بما في استعمال الماء من النظافة وحفظ الصحة والنشاط للعبادة كما سيأتي بيانه في تفسير
[ ص: 106 ] آية الوضوء من سورة المائدة إن شاء الله تعالى ، وإنني لم أتيمم في سفر من أسفاري قط على أنني وجدت في بعضها مشقة ما في الوضوء .