وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
أبي نجيح عن
مجاهد أنها نزلت هي وآيات بعدها في
اليهود ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في ذلك أنه قال في
قوله تعالى : وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال ، نهى الله تبارك وتعالى هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم ، اهـ ، أي : أن يكونوا مثل
اليهود في ذلك ، وإذا صح هذا فالمراد به - والله أعلم - الاعتبار بما جاء في سورة البقرة من قوله :
ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل ، إلى قوله
فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ( 2 : 246 ) .
والظاهر أن الآية في جماعة المسلمين وفيهم المنافقون والضعفاء ، ولا شك أن الإسلام كلفهم مخالفة عادتهم في الغزو والقتال لأجل الثأر ، ولأجل الحمية والكسب ، وأمرهم بكف أيديهم عن الاعتداء ، وأمرهم بالصلاة والزكاة ، وناهيك بما فيهما من الرحمة والعطف ، حتى خمدت من نفوس أكثرهم تلك الحمية الجاهلية ، وحل محلها أشرف العواطف الإنسانية ، وكان منهم من يتمنى لو يفرض عليهم القتال ، ولا يبعد أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف وبعض السابقين رأوا تركه ذلا وطلبوا الإذن به ، ولا يلزم من ذلك أن يكونوا هم الذين أنكروه بعد ذلك خشية من الناس بل ذلك فريق آخر من غير الصادقين ، على أنه لما فرض عليهم القتال - لما تقدم ذكره من الحكم والأسباب - كان كرها لجمهور المسلمين كما سبق بيان ذلك في تفسير
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ( 2 : 216 ) ، ولكن أهل العزم واليقين أطاعوا وباعوا أنفسهم لله - عز وجل - ، فكان الفرق بين قتالهم في الجاهلية وقتالهم في الإسلام عظيما ، وأما المنافقون ومرضى القلوب فكانوا قد أنسوا وسكنوا إلى ما جاء به الإسلام من ترك القتال وكف الأيدي فنال منهم الجبن ، وأحبوا الحياة الدنيا ، وكرهوا الموت لأجلها ، وليس هذا من شأن الإيمان الراسخ ، فظهر عليهم أثر الخشية والخوف من الأعداء حتى رجحوه على الخشية من الله - عز وجل - وسهل عليهم مخالفته بالقعود عن القتال وهو يقول :
فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ( 3 : 175 ) ، واستنكروا فرض القتال وأحبوا لو تأخر إلى أجل
وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ، أي هلا أخرتنا إلى أن نموت حتف أنوفنا بأجلنا القريب ، هكذا فسره
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقال غيره : المراد بالأجل القريب الزمن الذي يقوون فيه ويستعدون للقتال بمثل ما عند أعدائهم ، ويحتمل ألا يكونوا قصدوا أجلا معينا معلوما ، وإنما ذكروا ذلك لمحض الهرب والتفصي من القتال ، كما تقول لمن يرهقك عسرا في أمر : أمهلني قليلا أنظرني إلى أجل قريب ، وقد أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم بقوله :