وكان الله على كل شيء مقيتا أي : مقتدرا أو حافظا أو شاهدا ، وعبر بعضهم بالحفيظ والشهيد ، أقوال : قال
الراغب : وحقيقته قائما عليه يحفظه ويقيته - يعني أنه مشتق من القوت وهو ما يمسك الرمق من الرزق وتحفظ به الحياة - يقال : قاته يقوته إذا أطعمه قوته ، وأقاته يقيته إذا جعل له ما يقوته اهـ ، ومن جعل لك ما يقوتك دائما كان قائما عليك بالحفظ وشهيدا عليك لا يقوته أمرك ولا يغيب عنه ، ويتضمن ذلك معنى القدرة أيضا باللزوم ، ولكنهم أوردوا من الشواهد على كون المقيت بمعنى المقتدر ما يدل على أنه غير مشتق من القوت ، كقول
الزبير بن عبد المطلب - رضي الله عنه - :
وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على إساءته مقيتا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل :
تجلد ولا تجزع وكن ذا حفيظة فإني على ما ساءهم لمقيت
ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير هنا معنى المقتدر مستدلا ببيت
الزبير لأنه من
قريش ، وفي لسان العرب أقات على الشيء اقتدر عليه ، وأنشد بيت
الزبير ، وعزاه أولا إلى
أبي قيس بن رفاعة ، ثم قال : وقد روي أنه
للزبير عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال قبل ذلك في تفسير اللفظ في الآية
الفراء : المقيت المقتدر والمقدر كالذي يعطى كل شيء قوته ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المقيت القدير ، وقيل : الحفيظ ، قال : وهو بالحفيظ أشبه لأنه مشتق من القوت ، يقال : قت الرجل أقوته إذا حفظت نفسه بما يقوته ، والقوت اسم الشيء الذي يحفظ نفسه ولا فضل فيه على قدر الحفظ ، فمعنى المقيت الحفيظ الذي يعطي الشيء قدر الحاجة من الحفظ ، وقال
الفراء : المقيت المقتدر كالذي يعطي كل رجل قوته ، ويقال : المقيت الحافظ للشيء والشاهد له ، وأنشد
ثعلب للسموأل بن عاديا :
رب شتم سمعته وتصامم - - ت وغي تركته فكفيت
ليت شعري وأشعرن إذا ما قربوها منشورة ودعيت
ألي الفضل أم علي إذا حو سبت إني على الحساب مقيت
أي : أعرف ما عملت من السوء لأن الإنسان على نفسه بصيرة ، حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري عن
nindex.php?page=showalam&ids=14551أبي سعيد السيرافي ، قال : الصحيح رواية من روى "
ربي على الحساب مقيت
" إلى آخر ما ذكره ومنه تفسير بعضهم للمقيت في بيت
السموأل بالموقوف على الحساب .
وحاصل معنى الجملة : وكان الله وما زال على كل شيء مقيتا ، أي : مقتدرا مقدرا
[ ص: 253 ] فهو لا يعجزه أن يعطي الشافع نصيبا أو كفلا من شفاعته على قدرها في النفع والضر ، لأن سنته الحكيمة مضت بأن يكون هذا الجزاء مرتبطا بالعمل ، أو شهيدا حفيظا على الشفعاء لا يخفى عليه أمر محسنهم ومسيئهم فهو يعطي الجزاء على قدر العمل .