يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ، أي : إن شأن هؤلاء الخوانين الراسخين في الإثم أنهم يستترون من الناس عند ارتكاب خيانتهم واجتراحهم الإثم ; لأنهم يخافون ضرهم ، ولا يستترون من الله - تعالى - بتركه لأنهم لا إيمان لهم ، إذ الإيمان يمنع من الإصرار والتكرار ، ولا تقع الخيانة من صاحبه إلا عن غفلة أو جهالة عارضة لا تدوم ولا تتكرر حتى تحيط بصاحبها خطيئته ، على أنه لا يمكن الاستخفاء منه - تعالى - فمن يعلم أنه - تعالى - يراه وراء الأستار في حنادس الظلمات وهو المؤمن الصادق ، فلا بد أن يترك الذنب والخيانة حياء منه - تعالى - أو خوفا من عقابه ،
وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ، أي : وهو - تعالى - شاهدهم في الوقت الذي يدبرون فيه من الليل ، ما لا يرضى من القول ، لأجل تبرئة أنفسهم ورمي غيرهم بخيانتهم وجريمتهم
وكان الله بما يعملون محيطا لا يفوته شيء منه ، فلا سبيل إلى نجاتهم من عقابه .