يعدهم ويمنيهم قال تعالى في سورة البقرة :
الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ( 2 : 268 ) ، أي : يعد الناس الفقر إذا هم أنفقوا شيئا من أموالهم في سبيل الله ، وها هنا حذف مفعول الوعد فهو يشمل الوعد بالفقر ويشمل غيره من وعوده التي يوسوس بها ، فإنه إذا كان يعد من يريد التصدق الفقر ويوسوس إليه قائلا : إن مالك ينفد أو يقل فتكون فقيرا ذليلا ، فإنه يسلك في الوسوسة إلى من يغريه بالقمار مسلكا آخر فيعده الغنى والثروة ، وكذلك يعد من يغريه بالتعصب لمذهبه وإيذاء مخالفه فيه من أهل دينه الجاه والشهرة وبعد الصيت ، ويؤيد وعوده الباطلة بالأماني الباطلة يلقيها إليه ; ولهذا أعاد ذكر الأمنية في مقام بيان خسران من يتخذ الشيطان وليا بعد أن ذكر عن لسان الشيطان قوله :
ولأمنينهم ، ويدخل في وعد الشيطان وتمنيته ما يكون من أوليائه من الإنس ، وهم قرناء السوء الذين يزينون للناس الضلال والمعاصي ويعدونهم بالمال والجاه ، ويمدونهم في الطغيان .
قال الأستاذ الإمام : لولا وعود الشيطان لما عنى أولياؤه بنشر مذاهبهم الفاسدة وآرائهم وأضاليلهم ، التي يبتغون بها الرفعة والجاه والمال ، وهؤلاء موجودون في كل زمان ويعرفون بمقاصدهم ، وقد دل على هذا ما قبله ، ولكنه ذكره ليصل به قوله
وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي : إلا باطلا يغترون به ، ولا يملكون منه ما يحبون ، وأقول : فسر بعضهم الغرور بأنه إظهار النفع فيما هو ضار ، أي : في الحال أو المآل كشرب الخمر والقمار والزنا وغير ذلك .