وأن تقوموا لليتامى بالقسط ، أي : ويفتيكم أن تقوموا لليتامى من هؤلاء الناس والولدان المستضعفين بالقسط ، أي : أن تعنوا عناية خاصة بتحري العدل في معاملتهم والإقساط إليهم على أتم الوجوه وأكملها ، فإن هذا هو معنى القيام بالشيء ، ومثله إقامة الشيء كما بيناه في تفسير إقامة الصلاة ، ولما كان هذا هو الواجب الذي لا هوادة فيه ، وكان من الكمال أن يعامل اليتيم بالفضل لا بمجرد العدل قال تعالى :
وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ، أي : وما تفعلوه من الخير لليتامى بترجيح منفعتهم ، والزيادة في قسطهم ، فهو مما لا يعزب عن علمه تعالى ولا ينسى الإثابة عليه ، كسائر أفعال الخير ، وهذا ترغيب
[ ص: 363 ] في
الإحسان إلى اليتامى وتكميل لبيان مراتب معاملتهم وهي ثلاث ، أولاها : هضم شيء من حقوقهم وهي المحرمة السفلى ، والثانية : القيام لهم بالقسط والعدل بألا يظلموا من حقوقهم شيئا وهي الواجبة الوسطى ، والثالثة : الزيادة في رزقهم وإكرامهم بما ليس لهم من مال ، وما لا يجب لهم من عمل ، وهي المندوبة الفضلى .