إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، الدرك بسكون الراء وبه قرأ الكوفيون وبفتحها وبه قرأ الباقون عبارة عن الطبقة أو الدرجة من الجانب الأسفل ; لأن هذه الطبقات متداركة متتابعة ، ودل هذا على أن دار العذاب في الآخرة ذات دركات بعضها أسفل بعض ، كما أن دار النعيم درجات بعضها أعلى من بعض ، نسأل الله أن يجعلنا مع المقربين من أهلها
فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى ( 20 : 75 ، 76 ) .
[ ص: 385 ] وإنما كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار ; لأنهم شر أهلها بما جمعوا بين الكفر والنفاق ومخادعة الله والمؤمنين وغشهم ، فأرواحهم أسفل الأرواح وأنفسهم أخس الأنفس ، وأكثر الكفار قد أفسد فطرتهم التقليد ، وغلب عليهم الجهل بحقيقة التوحيد ، فهم مع إيمانهم بالله يشركون به غيره ، باتخاذهم شفعاء عنده ، ووسطاء بينهم وبينه ، قياسا على معاملة ملوكهم المستبدين ، وأمرائهم الظالمين ، وهم لا يرضون لأنفسهم النفاق في الدين ومخادعة الله والمؤمنين ، والإصرار على الكذب والغش ، ومقابلة هذا بوجه وذاك بوجه ، فلما كان المنافقون أسفل الناس أرواحا وعقولا كانوا أجدر الناس بالدرك الأسفل من النار
ولن تجد لهم نصيرا ، ينقذهم من عذابها أو يرفعهم من الطبقة السفلى إلى ما فوقها .