ثم خص بعض النبيين الذين جاءوا من بعد
نوح بالذكر لشهرتهم وعلو مقامهم عند أهل الكتاب فقال :
وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان أي وكما أوحينا إلى
إبراهيم ومن بعده ; فأما
إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الكرام ، فمجمع على فضله ونبوته عند أهل الكتاب كلهم وعند العرب أيضا ، وكل أولئك الأنبياء الذين ذكروا بعده من ذريته ،
ويعقوب هو ابن إسحاق بن إبراهيم واشتهر بلقب (
إسرائيل ) فسائر أنبياء أهل الكتاب من ذريته ، ويسمون أنبياء
بني إسرائيل ، وأما
محمد خاتم النبيين والمرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، فهو من نسل أخيه الأكبر
إسماعيل الذبيح صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 57 ] وأما الأسباط فجمع سبط ، وهو يطلق على ولد الولد . وأسباط
بني إسرائيل اثنا عشر سبطا ، فكل نسل من أولاد
يعقوب العشرة ، وولدي ابنه
يوسف وهما (
إفرايم ومنسى ) يسمى سبطا ; ولذلك قيل : إن الأسباط في
بني إسرائيل كالقبائل في ولد
إسماعيل . وأما أبناء
يعقوب العشرة آباء الأسباط الأخرى فهم :
1 -
رؤبين ( بالهمزة ، ويخفف فيقال روبين ) وتصرف فيه بعض العرب فقالوا
روبيل .
2 -
شمعون 3 -
يهوذا 4 -
يساكر 5 -
زبولون 6 -
بنيامين 7 -
دان 8 -
نفتالي 9 -
جاد 10 -
أشير . فسلالة هؤلاء مع سلالة ابني
يوسف هم اثنا عشر سبطا .
وأما سلالة (
لاوي ) الابن الثالث
ليعقوب فلم تجعل سبطا مستقلا ، بل نيط بهم خدمة دينية خاصة ولهم أحكام خاصة بهم ، والمراد بالوحي إلى الأسباط : الوحي إلى الأنبياء الذين بعثوا فيهم ، وخص منهم بالذكر أشهر المرسلين ; لأن لهم كتبا يهتدى بها ، وما كل نبي يوحى إليه يكون مرسلا وله كتاب .
والمشهور عند المفسرين أن الأسباط هم أولاد
يعقوب ، ولذلك استشكلوا الوحي إليهم وكونهم من النبيين مع ما بينه الله - تعالى - من كيدهم لأخيهم
يوسف ، وكذبهم على أبيهم ، وغير ذلك مما لا يليق بالنبيين ، وأجاب بعضهم بأن ذلك كان منهم قبل النبوة ، ولا يرضى هذا من يقول : إن الأنبياء معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها . وهم يقولون بعموم هذه العصمة ، وإن كان الدليل الذي يحتجون به خاصا بالرسل منهم ، وقد علمت أن إطلاق لفظ الأسباط على أبناء إسرائيل من صلبه خاصة غلط ، وإن المتفق عليه عند أهل الكتاب عامة هو ما ذكرناه ، وما حاجهم الله - تعالى - إلا بما هو معروف عندهم ، فالآية لا تدل على
نبوة إخوة يوسف من أولاد
يعقوب .