[ ص: 177 ] ( مذهب
أحمد وأصحابه في طعام أهل الكتاب والتسمية على الذبيحة ) قال الشيخ الموفق
عبد الله بن قدامة في ( المقنع ص 531 ج2 ) ما نصه : "
ويشترط للذكاة شروط أربعة ; أحدها : أهلية الذابح ، وهو أن يكون عاقلا مسلما أو كتابيا ; فتباح ذبيحته ذكرا أو أنثى ، وعنه لا تباح ذبيحة نصارى
بني تغلب ، ولا من
أحد أبويه غير كتابي " .
وذكر في حاشيته أن الصحيح من المذهب إباحة
ذبيحة بني تغلب ، قال : " وأما من أحد أبويه غير كتابي فقدم المصنف أنها تباح ، وبه قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، واختاره
الشيخ تقي الدين ،
وابن القيم ، والثانية لا تباح ، وهو المذهب وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنه وجد ما يقتضي الإباحة والتحريم ، فغلب التحريم ، كما لو جرحه - أي الصيد - مسلم
ومجوسي " . انتهى .
أقول : "
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول آخر ، هو أن العبرة بالأب ، وكان اللائق بقول
الشافعية أن الولد يتبع أشرف الأبوين في الدين أن يجعلوا ذبح الصغير كذبح أشرف والديه ، وأما البالغ فلا وجه للبحث عن أبويه ; فإنه إذا كان كتابيا كان داخلا في عموم الآية .
ثم قال ( في ص 537 ) منه : " وإذا
ذبح الكتابي ما يحرم عليه ; كذي الظفر - أي عند
اليهود - لم يحرم علينا ، وإن ذبح حيوانا غيره لم تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم ، وهو شحم الثرب ، أي الكرش والكليتين ، في ظاهر كلام
أحمد ، رحمه الله ، واختاره
ابن حامد وحكاه عن
الخرقي في كلام مفرد ، واختار
أبو الحسن التميمي والقاضي تحريمه ، وإن
ذبح لعيده أو ليتقرب به إلى شيء ما يعظمونه ، لم يحرم . نص عليه " انتهى ، أي نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وهو المذهب ، وإن روي عنه التحريم ، وهو موافق فيه لمذهب
مالك ، رحمهم الله تعالى .
وقال ( في ص 535 منه ) : الرابع ، أي
من شروط التذكية : أن يذكر اسم الله عند الذبح ، وهو أن يقول : بسم الله ، لا يقوم مقامها غيرها ، إلا الأخرس فإنه يومئ إلى السماء ، فإن
ترك التسمية عمدا لم تبح ، وإن تركها ساهيا أبيحت ، وعنه تباح في الحالين ، وعنه لا تباح فيهما .
قال في حاشيته : " قوله فإن ترك التسمية عمدا . . . إلخ . هذا هو المذهب فيهما ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير إجماعا في سقوطها سهوا ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأبو حنيفة وإسحاق ، وممن أباح ما نسيت التسمية عليه
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى ،
وجعفر بن محمد ، وعن
أحمد تباح في الحالين ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واختاره
أبو بكر لحديث
البراء مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=919321المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه سئل ، فقيل : أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله ؟ فقال :
[ ص: 178 ] : اسم الله في قلب كل مسلم . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والبيهقي وضعفه .
ولنا ما روى
الأحوص بن حكيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15880راشد بن سعد مرفوعا
ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم ، ما لم يتعمد رواه
سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد . لكن
الأحوص ضعيف . وعن
أحمد لا تباح ، وإن لم يتعمد ; لقوله تعالى
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ( 6 : 121 ) وجوابه أنها محمولة على ما إذا ترك اسم التسمية عمدا ، بدليل
قوله : وإنه لفسق ( 6 : 121 ) والأكل مما نسيت التسمية عليه ليس بفسق لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919323عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان انتهى .
أقول : من عجائب انتصار الإنسان لما يختاره جعل الفسق هنا بمعنى ترك التسمية عمدا ، والظاهر فيه ما قاله
الشافعية من أنه ما أهل لغير الله به ، أخذا من قوله تعالى :
أو فسقا أهل لغير الله به وقد تقدم .
وفي الباب من كتاب بلوغ المرام
للحافظ ابن حجر ، ما نصه : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=919324أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المسلم يكفيه اسمه ، فإن نسي أن يسمي الله حين يذبح فليسم ثم ليأكل . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وفيه راو في حفظه ضعف ، وفي إسناده
محمد بن يزيد بن سنان ، وهو صدوق ضعيف الحفظ ، وأخرجه
عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس موقوفا عليه ، وله شاهد عند
أبي داود في مراسيله بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919325ذبيحة المسلم حلال ذكر الله عليها أم لم يذكر ورجاله موثقون . انتهى .
وتقدم حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=919326عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قالت : إن قوما يأتون باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ، فقال صلى الله عليه وسلم : سموا الله عليه أنتم وكلوه . انتهى .
وقد جعل علماء
الأزهر الفصل الأول من كتاب ( إرشاد الأمة الإسلامية ) الذي تقدم ذكره في بيان مذهب الحنابلة في الذبيحة التي أفتى بها مفتي
مصر ، قالوا : " ذهب الحنابلة إلى أن
المعتبر في حل المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ، أن تذكى وفيها حياة وإن قلت كالمريضة ، وهو قول
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وقتادة والسيدين :
nindex.php?page=showalam&ids=11958الباقر والصادق ،
وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والضحاك وابن زيد ، والتسمية عندهم ليست بشرط ; فيحل متروك التسمية عمدا أو سهوا ، من مسلم أو كتابي على رواية ، وفي رواية عن
أحمد تشترط من مسلم لا من كتابي ، وعنه عكسها ، ثم أيدوا هذه الخلاصة بنقل من كتاب ( دقائق أولي النهى على متن المنتهى ) ومن غيره .