(
وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) قال المفسرون : إن الضمير في قوله : ( بينهم ) يرجع إلى
اليهود والنصارى في قوله تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ) رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
مجاهد ، واقتصر عليه ، وعزاه غيره إلى
الحسن أيضا ، ورواه
أبو الشيخ عن
الربيع ، فلا نعرف في التفسير المأثور عن السلف غيره ، وفي تفاسير المتأخرين احتمال أن يكون الضمير
لليهود وحدهم . ويراد بالملقى حينئذ عداوة المذاهب والبغضاء بين الأفراد ; لأن هذا لا ينقطع من بين الناس ، ولكن لا يظهر معه فائدة لتخصيص
[ ص: 379 ] اليهودية ، وهم الآن من أشد الأمم تعاطفا وتعاضدا وائتلافا ، وأما العداوة بينهم وبين
النصارى فلم تنقطع ، وهي على أشدها الآن في
بلاد روسية ، وعلى أقلها في
إنكلترة وفرنسة وألمانية ; لما في هذه الممالك من القوانين الحرة ، والحكومات المنتظمة ، ولما للمال وأهله فيها من النفوذ والتأثير في السياسة ، وسائر شئون الاجتماع ،
واليهود أغنى أهلها ، والمديرون لأرحية أعظم الأعمال المالية فيها ، وهم ، على مكانتهم هذه ، مبغوضون من جماهير
النصارى ، وكم ألفت كتب في فرنسة وغيرها في التحريض عليهم ، وقد أخبرني ألماني من العلماء المستشرقين أنهم لا يعدون اليهودي في بلاده منهم ، بل يقولون : هذا يهودي ، وهذا ألماني . وأما العداوة بين
النصارى فهي أشد ، وإن دولهم الكبرى تستعد دائما لحرب يسحق بها بعضها بعضا .