( مثال
القياس الباطل ) .
ثم إنه أطال في بيان ذلك بالكتاب والسنة وسرد الأمثلة الكثيرة للأقيسة الباطلة من كتب الفقه ، وقد تقدم بعض تلك الآيات ، وأما الأحاديث ، فما ذكرناه منها أكثر مما ذكره في هذا السياق ، وزاد هو إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على
عمر وأسامة محض القياس في الحلتين الحريريتين اللتين أهداهما إليهما إذ لبسها
أسامة قياسا للبس على التملك والانتفاع والبيع ، وردها
عمر قياسا لتملكها على لبسها المحرم بالنص . ( قال ) :
فأسامة أباح
وعمر حرم قياسا ، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد من القياسين وقال
لعمر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919621إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها " وقال
لأسامة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003284إني لم أبعثها إليك لتلبسها ولكن بعثتها إليك لتشققها خمرا لنسائك " والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تقدم إليهم في الحرير بالنص على تحريم لبسه فقط فقاسا قياسا أخطئا فيه ، فأحدهم قاس اللبس على الملك ،
وعمر قاس التملك على اللبس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن ما حرمه من اللبس لا يتعدى إلى غيره ، وما أباحه من التملك لا يتعدى إلى اللبس ، وهذا عين إبطال القياس " اهـ .
أقول : ولكن هذا لم يمنع بعض الفقهاء بعد ذلك من قياس كل استعمال للحرير على اللبس ، ومن قياس كل استعمال للذهب والفضة على ما ورد من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الأكل في صحافهما والشرب من آنيتهما . وهكذا شأنهم في أمثلة ذلك .
ثم عقد فصلين في ذم الصحابة والتابعين للقياس وإبطالهم له ، وفصلا في تعارض الأقيسة وتناقضها ، وفصلا آخر في فساد القياس وبطلانه وتناقض أهله فيه واضطرابهم تأصيلا وتفصيلا ، وذكر أنواع القياس الأربعة عند غلاتهم كفقهاء ما وراء النهر وهي قياس العلة والدلالة والشبهة والطرد ، وذكر أمثلة كثيرة من أقيستهم الفاسدة واضطرابهم في التأصيل والتفصيل ، وهذا الفصل من أجل الفصول وأطولها ، وفيه كثير من الأقيسة التي جمعوا
[ ص: 139 ] فيها بين ما فرقت النصوص أو الميزان المستقيم ، وفرقوا فيها بين ما جمعت ، وبيان ذلك بالدلائل العقلية والنقلية وتبعه عدة فصول تفرعت منه .