( الحكم بين
مثبتي القياس ومنكريه ) .
بعد أن أطال
ابن القيم في بسط أدلة الفريقين تصدى لبيان الحكم بينهما بإثبات القياس الموافق للنصوص وإبطال القياس الاصطلاحي ، ومهد لذلك تمهيدا مفيدا بين فيه أن هذه المسألة فرع لمسألة الحكمة والتعليل والأسباب ، وقد انقسم الناس في كل منهما إلى غلاة في النفي وغلاة في الإثبات ومعتدلين فيه قال :
وسبب ذلك خفاء الطريقة المثلى والمذهب الوسط الذي هو في المذاهب كالإسلام في الأديان ، وعليه سلف الأمة وأئمتها والفقهاء المعتبرون به من إثبات الحكم والأسباب والغايات المحمودة في خلقه سبحانه وأمره ( أي وشرعه ) وإثبات لام التعليل وفاء السببية في القضاء والشرع كما دلت عليه النصوص مع صريح العقل والفطرة ، واتفق عليه الكتاب والميزان " ثم قال :
" والمقصود أنهم كما انقسموا إلى ثلاث فرق في هذا الأصل ، انقسموا في فرعه وهو القياس إلى ثلاث فرق : فرقة أنكرته بالكلية ، وفرقة قالت به وأنكرت الحكم والتعليل والمناسبات . والفرقتان أخلتا النصوص على تناولها لجميع أحكام المكلفين ، وإنما أحالتا على القياس . ثم قال غلاتهم : أحالت عليه أكثر الأحكام ، وقال متوسطوهم : بل أحالت عليه كثيرا من الأحكام لا سبيل إلى إثباتها إلا به .