تفسير سورة يس
وهي مكية . قال
القرطبي : بالإجماع إلا أن فرقة قالت
ونكتب ما قدموا وآثارهم [ يس : 12 ] نزلت في
بني سلمة من
الأنصار حين أرادوا أن يتركوا ديارهم وينتقلوا إلى جوار مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وسيأتي بيان ذلك .
وأخرج
ابن الضريس ،
والنحاس ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : سورة يس نزلت
بمكة . وأخرج
ابن مردويه عن
عائشة مثله .
وأخرج
الدارمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
ومحمد بن نصر ،
والبيهقي في الشعب عن
أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021231إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن يس ، من قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات قال
الترمذي بعد إخراجه : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن ، وفي إسناده
هارون أبو محمد ، وهو شيخ مجهول ، وفي الباب عن
أبي بكر ، ولا يصح لضعف إسناده .
وأخرج
البزار من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021232إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن يس ، ثم قال بعد إخراجه : لا نعلم رواه إلا
زيد عن
حميد : يعني
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب عن
حميد المكي مولى آل علقمة .
وأخرج
الدارمي ،
وأبو يعلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021233من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له في تلك الليلة قال
ابن كثير : إسناده جيد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ،
والضياء عن
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021234من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له .
وإسناده في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان هكذا : حدثنا
محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى
ثقيف ، حدثنا
الوليد بن شجاع بن الوليد الكوبي ، حدثنا أبي ، حدثنا
زياد بن خيثمة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب بن عبد الله قال : قام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فذكره .
وأخرج
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،
ومحمد بن نصر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
والحاكم ،
والبيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=249معقل بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021235يس قلب القرآن ، لا يقرؤها عبد يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه ، فاقرءوها على موتاكم . وقد ذكر له
أحمد إسنادين : أحدهما فيه مجهول ، والآخر ذكر فيه عن
أبي عثمان وقال : وليس بالنهدي عن أبيه ، عن
معقل .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ،
والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15714حسان بن عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021236من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن عشر مرات .
وأخرج
ابن الضريس ،
وابن مردويه والخطيب ،
والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
سورة يس تدعى في التوراة المعممة ، تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة ، تكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة ، وتدفع عنه أهاويل الآخرة ، وتدعى الدافعة والقاضية ، تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة ، من قرأها عدلت عشرين حجة ، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ، ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة ونزعت عنه كل غل وداء قال
البيهقي : تقرب به
عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن
سليمان بن رافع الجندي ، وهو منكر .
قلت : وهذا الحديث هو الذي تقدمت الإشارة من
الترمذي إلى ضعف إسناده ، ولا يبعد أن يكون موضوعا ، فهذه الألفاظ كلها منكرة بعيدة عن كلام من أوتي جوامع الكلم ، وقد ذكره
الثعلبي من حديث
عائشة ، وذكره
الخطيب من حديث
أنس ، وذكر نحوه
الخطيب من حديث علي بأخصر منه .
وأخرج
البزار عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في سورة يس :
لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي . وإسناده هكذا : قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16023سلمة بن شبيب ، حدثنا
إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فذكره .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ،
وابن مردويه قال
السيوطي بسند ضعيف عن
أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021239من داوم على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا .
وأخرج
الدارمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : من قرأ يس حين يصبح أعطي يسر يومه حتى يمسي ، ومن قرأها في صدر ليلته أعطي يسر ليلته حتى يصبح .
بسم الله الرحمن الرحيم
يس ( 1 )
والقرآن الحكيم ( 2 )
إنك لمن المرسلين ( 3 )
على صراط مستقيم ( 4 )
تنزيل العزيز الرحيم ( 5 )
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ( 6 )
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ( 7 )
إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون ( 8 )
وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ( 9 )
وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ( 10 )
إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ( 11 )
إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ( 12 )
[ ص: 1218 ] قوله : 1 يس قرأ الجمهور بسكون النون ، وقرأ
ابن كثير ،
وأبو عمرو ،
وحمزة ،
وحفص ، وقالون ،
nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش بإدغام النون في الواو الذي بعدها ، وقرأ
عيسى بن عمر بفتح النون ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وابن أبي إسحاق ،
ونصر بن عاصم بكسرها ، فالفتح على البناء أو على أنه مفعول فعل مقدر تقديره : اتل يس ، والكسر على البناء أيضا كجير ، وقيل : الفتح والكسر للفرار من التقاء الساكنين .
وأما وجه قراءة الجمهور بالسكون للنون فلكونها مسرودة على نمط التعديد فلا حظ لها من الإعراب .
وقرأ
هارون الأعور ،
ومحمد بن السميفع ،
والكلبي بضم النون على البناء كمنذ وحيث وقط ، وقيل : على أنها خبر مبتدأ محذوف أي : هذه يس ، ومنعت من الصرف للعلمية والتأنيث .
واختلف في معنى هذه اللفظة ، فقيل : معناها يا رجل ، أو يا إنسان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : الوقف على يس حسن لمن قال هو افتتاح للسورة ، ومن قال : معناه يا رجل ، لم يقف عليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وغيره : هو اسم من أسماء
محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - دليله
إنك لمن المرسلين ومنه قول
السعد الحميري :
يا نفس لا تمحضي بالنصح جاهدة على المودة إلا آل ياسين
ومنه قوله :
سلام على إل ياسين " [ الصافات : 130 ] أي : على آل
محمد ، وسيأتي في الصافات ما المراد بـ " إل ياسين " .
قال
الواحدي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والمفسرون : يريد يا إنسان : يعني
محمدا - صلى الله عليه وآله وسلم - .
وقال
أبو بكر الوراق : معناه يا سيد البشر .
وقال
مالك : هو اسم من أسماء الله - تعالى - ، وروى ذلك عنه
أشهب .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبو عبد الرحمن السلمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق أن معناه يا سيد .
وقال
كعب : هو قسم أقسم الله به ، ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن معناه يا
محمد .
واختلفوا هل هو عربي أو غير عربي ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعكرمة : حبشي .
وقال
الكلبي : سرياني تكلمت به العرب فصار من لغتهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : هو بلغة
طيئ . وقال
الحسن : هو بلغة كلب . وقد تقدم في طه وفي مفتتح سورة البقرة ما يغني عن التطويل هاهنا .
والقرآن الحكيم بالجر على أنه مقسم به ابتداء .
وقيل : هو معطوف على يس على تقدير كونه مجرورا بإضمار القسم .
قال
النقاش :
لم يقسم الله لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - تعظيما له وتمجيدا ، والحكيم المحكم الذي لا يتناقض ولا يتخالف ، أو الحكيم قائله .
وجواب القسم إنك لمن المرسلين وهذا رد على من أنكر رسالته من الكفار بقولهم :
لست مرسلا [ الرعد : 43 ] .
وقوله :
هذا صراط مستقيم خبر آخر لإن أي : إنك على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم : الطريق القيم الموصل إلى المطلوب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : على طريقة الأنبياء الذين تقدموك ، ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال .
تنزيل العزيز الرحيم قرأ
نافع وابن كثير وأبو عمرو ،
وأبو بكر برفع " تنزيل " على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو تنزيل ، ويجوز أن يكون خبرا لقوله يس إن جعل اسما للسورة ، وقرأ الباقون بالنصب على المصدرية أي : نزل الله ذلك تنزيل العزيز الرحيم .
والمعنى : إنك يا
محمد تنزيل العزيز الرحيم ، والأول أولى .
وقيل : هو منصوب على المدح على قراءة من قرأ بالنصب ، وعبر - سبحانه - عن المنزل بالمصدر مبالغة حتى كأنه نفس التنزيل ، وقرأ
أبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
وأبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة " تنزيل " بالجر على النعت للقرآن أو البدل منه .
واللام في
لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم يجوز أن تتعلق بـ ( تنزيل ) ، أو بفعل مضمر يدل عليه ( من المرسلين ) أي : أرسلناك لتنذر ، و " ما " في ما أنذر آباؤهم هي النافية أي : لم ينذر آباؤهم ، ويجوز أن تكون موصولة أو موصوفة أي : لتنذر قوما الذي أنذره آباؤهم ، أو لتنذرهم عذابا أنذره آباؤهم ، ويجوز أن تكون مصدرية أي : إنذار آبائهم ، وعلى القول بأنها نافية يكون المعنى : ما أنذر آباؤهم برسول من أنفسهم ، ويجوز أن يراد ما أنذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة ، وقوله : فهم غافلون متعلق بنفي الإنذار على الوجه الأول أي : لم ينذر آباؤهم فهم بسبب ذلك غافلون ، وعلى الوجوه الآخرة متعلق بقوله : ( لتنذر ) ، أي : فهم غافلون عما أنذرنا به آباءهم ، وقد ذهب أكثر أهل التفسير إلى أن المعنى على النفي ، وهو الظاهر من النظم لترتيب ( فهم غافلون ) على ما قبله .
واللام في قوله :
لقد حق القول على أكثرهم هي الموطئة للقسم أي : والله لقد حق القول على أكثرهم ، ومعنى حق : ثبت ووجب ، القول أي : العذاب على أكثرهم أي : أكثر أهل
مكة ، أو أكثر الكفار على الإطلاق ، أو أكثر كفار العرب ، وهم من مات على الكفر وأصر عليه طول حياته فيتفرع قوله : فهم لا يؤمنون على ما قبله بهذا الاعتبار أي : لأن الله - سبحانه - قد علم منهم الإصرار على ما هم فيه من الكفر والموت عليه ، وقيل : المراد بالقول المذكور هنا هو قوله - سبحانه - :
فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك [ ص : 84 85 ] .
وجملة
إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا تقرير لما قبلها مثلت حالهم بحال الذين غلت أعناقهم فهي أي : الأغلال منتهية إلى الأذقان فلا يقدرون عند ذلك على الالتفات ولا يتمكنون من عطفها ، وهو معنى قوله : فهم مقمحون أي : رافعون رءوسهم غاضون أبصارهم .
قال
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : المقمح : الغاض بصره بعد رفع رأسه ، ومعنى الإقماح رفع الرأس وغض البصر ، يقال : أقمح البعير رأسه وقمح : إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء .
قال
الأزهري : أراد الله أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم رفعت الأغلال إلى أذقانهم ورءوسهم صعداء ، فهم مرفوعو الرءوس برفع الأغلال إياها .
وقال
قتادة : معنى مقمحون : مغلولون ، والأول أولى ، ومنه قول الشاعر :
ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإبل القماح
[ ص: 1219 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : قيل : للكانونين شهرا قماح ، لأن الإبل إذا وردت الماء رفعت رءوسها لشدة البرد ، وأنشد قول
أبي زيد الهذلي :
فتى ما ابن الأغر إذا شتونا وحب الزاد في شهري قماح
قال
أبو عبيدة : قمح البعير إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب .
وقال
أبو عبيدة أيضا : هو مثل ضربه الله لهم في امتناعهم عن الهدى كامتناع المغلول ، كما يقال : فلان حمار أي : لا يبصر الهدى ، وكما قال الشاعر :
لهم عن الرشد أغلال وأقياد
وقال
الفراء : هذا ضرب مثل أي : حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله ، وهو كقوله :
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك [ الإسراء : 29 ] وبه قال الضحاك .
وقيل : الآية إشارة إلى ما يفعل بقوم في النار من وضع الأغلال في أعناقهم كما قال - تعالى - :
إذ الأغلال في أعناقهم [ غافر : 71 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أي : في أيديهم .
قال
النحاس : وهذه القراءة تفسير ولا يقرأ بما خالف المصحف .
قال : وفي الكلام حذف على قراءة الجماعة ، التقدير : إنا جعلنا في أعناقهم وفي أياديهم أغلالا فهي إلى الأذقان ، فلفظ ( هي ) كناية عن الأيدي لا عن الأعناق ، والعرب تحذف مثل هذا ، ونظيره
سرابيل تقيكم الحر [ النحل : 81 ] وتقديره : وسرابيل تقيكم البرد ، لأن ما وقى من الحر وقى من البرد ، لأن الغل إذا كان في العنق فلابد أن يكون في اليد ، ولا سيما وقد قال الله فهي إلى الأذقان فقد علم أنه يراد به الأيدي فهم مقمحون أي : رافعو رءوسهم لا يستطيعون الإطراق ، لأن من غلت يداه إلى ذقنه ارتفع رأسه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قرأ " إنا جعلنا في أيديهم أغلالا " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قرأ " إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا " كما روي سابقا من قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا أي : منعناهم عن الإيمان بموانع فهم لا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان ، كالمضروب أمامه وخلفه بالأسداد ، والسد بضم السين وفتحها لغتان ، ومن هذا المعنى في الآية قول الشاعر :
ومن الحوادث لا أبا لك أنني ضربت علي الأرض بالأسداد
لا أهتدي فيها لموضع تلعة بين العراق وبين أرض مراد
فأغشيناهم أي : غطينا أبصارهم فهم بسبب ذلك لا يبصرون أي : لا يقدرون على إبصار شيء .
قال
الفراء : فألبسنا أبصارهم غشاوة أي : عمى فهم لا يبصرون سبيل الهدى ، وكذا قال
قتادة : إن المعنى لا يبصرون الهدى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : لا يبصرون
محمدا حين ائتمروا على قتله .
وقال
الضحاك :
وجعلنا من بين أيديهم سدا أي : الدنيا ومن خلفهم سدا أي : الآخرة
فأغشيناهم فهم لا يبصرون أي : عموا عن البعث ، وعموا عن قبول الشرائع في الدنيا .
وقيل : ما بين أيديهم الآخرة وما خلفهم الدنيا ، قرأ الجمهور بالغين المعجمة أي : غطينا أبصارهم ، فهو على حذف مضاف .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=17344ويحيى بن يعمر ،
وأبو رجاء ،
وعكرمة بالغين المهملة من العشا وهو ضعف البصر . ومنه
ومن يعش عن ذكر الرحمن [ الزخرف : 36 ] .
وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون أي : إنذارك إياهم وعدمه سواء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أي : من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار . إنما ينفع الإنذار من ذكر في قوله :
إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب أي : اتبع القرآن ، وخشي الله في الدنيا ، وجملة لا يؤمنون مستأنفة مبينة لما قبلها من الاستواء ، أو في محل نصب على الحال ، أو بدل ، و بالغيب في محل نصب على الحال من الفاعل أو المفعول
فبشره بمغفرة وأجر كريم أي : بشر هذا الذي اتبع الذكر ، وخشي الرحمن بالغيب بمغفرة عظيمة وأجر كريم أي : حسن ، وهو الجنة .
ثم أخبر - سبحانه - بإحيائه الموتى فقال :
إنا نحن نحيي الموتى أي : نبعثهم بعد الموت .
وقال
الحسن ،
والضحاك أي : نحييهم بالإيمان بعد الجهل ، والأول أولى .
ثم توعدهم بكتب آثارهم فقال :
ونكتب ما قدموا أي : أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة وآثارهم أي : ما أبقوه من الحسنات التي لا ينقطع نفعها بعد الموت : كمن سن سنة حسنة أو نحو ذلك ، أو السيئات التي تبقى بعد موت فاعلها : كمن سن سنة سيئة .
قال
مجاهد وابن زيد : ونظيره قوله :
علمت نفس ما قدمت وأخرت [ الانفطار : 5 ] وقوله :
ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر [ القيامة : 13 ] وقيل : المراد بالآية آثار المشائين إلى المساجد ، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين .
قال
النحاس : وهو أولى ما قيل في الآية ; لأنها نزلت في ذلك .
ويجاب عنه بأن الاعتبار بعموم الآية لا بخصوص سببها ، وعمومها يقتضي كتب جميع آثار الخير والشر ، ومن الخير تعليم العليم ، وتصنيفه ، والوقف على القرب ، وعمارة المساجد والقناطر .
ومن الشر ابتداع المظالم ، وإحداث ما يضر بالناس ، ويقتدي به أهل الجور ، ويعملون عليه من مكس أو غيره ، ولهذا قال - سبحانه - :
وكل شيء أحصيناه في إمام مبين أي : وكل شيء من أعمال العباد وغيرها كائنا ما كان في إمام مبين أي : كتاب مقتدى به موضح لكل شيء .
قال
مجاهد ،
وقتادة ،
وابن زيد : أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقة : أراد صحائف الأعمال .
قرأ الجمهور ونكتب على البناء للفاعل . وقرأ
زر ومسروق على البناء للمفعول .
وقرأ الجمهور كل شيء أحصيناه بنصب كل على الاشتغال . وقرأ
أبو السمأل بالرفع على الابتداء .
وقد أخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في قوله يس قالا : يا
محمد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله : يس قال : يا إنسان .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
الحسن ،
والضحاك وعكرمة مثله .
وأخرج
ابن مردويه ،
وأبو نعيم في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "
كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة ، حتى [ ص: 1220 ] تأذى به ناس من قريش ، حتى قاموا ليأخذوه ، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم ، وإذا هم عمي لا يبصرون ، فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد ، قال : ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيهم قرابة ، فدعا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت يس والقرآن الحكيم إلى قوله : أم لم تنذرهم لا يؤمنون قال : فلم يؤمن من ذلك النفر أحد " وفي الباب روايات في سبب نزول ذلك هذه الرواية أحسنها وأقربها إلى الصحة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عنه قال : الأغلال ما بين الصدر إلى الذقن
فهم مقمحون كما تقمح الدابة باللجام .
وأخرج
ابن مردويه عنه أيضا في قوله :
وجعلنا من بين أيديهم سدا الآية قال : كانوا يمرون على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا يرونه .
وأخرج
ابن مردويه عنه أيضا قال :
اجتمعت قريش بباب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ينتظرون خروجه ليؤذوه ، فشق ذلك عليه ، فأتاه جبريل بسورة يس وأمره بالخروج عليهم ، فأخذ كفا من تراب وخرج وهو يقرؤها ويذر التراب على رءوسهم ، فما رأوه حتى جاز ، فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب ، وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا ننتظر محمدا ، فقال : لقد رأيته داخلا المسجد ، قال : قوموا فقد سحركم .
وأخرج
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والحاكم وصححه ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : كان
بنو سلمة في ناحية من
المدينة ، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فأنزل الله :
إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021242إنه يكتب آثاركم ، ثم قرأ عليهم الآية فتركوا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ،
وأحمد في الزهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نحوه .
وفي صحيح
مسلم وغيره من حديث
جابر قال : " إن
بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021243يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم " .