( الخامس ) : قسم البديعيون السجع أو الفواصل أيضا إلى متواز ومطرف ومتوازن .
وأشرفها
المتوازي ، وهو أن تتفق الكلمتان في الوزن وحروف السجع كقوله تعالى : (
فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ) ( الغاشية : 13 - 14 ) وقوله : (
والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل ) ( آل عمران : 48 - 49 ) .
والمطرف أن يتفقا في حروف السجع لا في الوزن كقوله تعالى : (
ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ) ( نوح : 13 - 14 ) .
[ ص: 168 ] والمتوازن أن يراعى في مقاطع الكلام الوزن فقط كقوله تعالى : (
ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ) ( الغاشية : 15 - 16 ) .
وقوله تعالى : (
وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم ) ( الصافات : 117 - 118 ) ، فلفظ ( الكتاب ) و ( الصراط ) متوازنان ، ولفظ ( المستبين ) و ( المستقيم ) متوازنان .
وقوله : (
فاصبر صبرا جميلا إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ) ( المعارج : 5 - 9 ) .
وقوله تعالى : (
كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى ) ( المعارج : 15 - 18 ) .
وقوله : (
والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) ( الليل : 1 - 2 ) إلى آخرها .
وقوله : (
والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) ( الضحى : 1 - 3 ) إلى آخرها ، وقد تكرر في سورة " حم عسق " في قوله تعالى : (
والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ) ( الشورى : 16 ) إلى آخر الآيات السبع ، فجمع في فواصلها بين ( شديد ) و ( قريب ) و ( بعيد ) و ( العزيز ) و ( نصيب ) و ( أليم ) و ( الكبير ) على هذا الترتيب وهو في القرآن كثير وفي المفصل خاصة في قصاره .
ومنهم من يذكر بدله الترصيع ؛ وهو أن يكون المتقدم من الفقرتين مؤلفا من كلمات مختلفة ، والثاني مؤلفا من مثلها في ثلاثة أشياء : وهي الوزن والتقفية وتقاب القرائن ، قيل : ولم يجئ هذا القسم في القرآن العظيم لما فيه من التكلف .
[ ص: 169 ] وزعم بعضهم أن منه قوله تعالى : (
إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) ( الانفطار : 13 - 14 ) وليس كذلك ; لورود لفظة ( إن ) و ( لفي ) كل واحد من الشطرين ، وهو مخالف لشرط الترصيع ; إذ شرطه اختلاف الكلمات في الشطرين جميعا .
وقال بعض المغاربة : "
سورة الواقعة من نوع الترصيع وتتبع أجزائها يدل على أن فيها موازنة .
قالوا :
وأحسن السجع ما تساوت قرائنه ليكون شبيها بالشعر ، فإن أبياته متساوية كقوله تعالى : (
في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود ) ( الواقعة : 28 - 29 - 30 ) ، وعلته أن السمع ألف الانتهاء إلى غاية في الخفة بالأولى ، فإذا زيد عنها ثقل عنه الزائد ; لأنه يكون عند وصولها إلى مقدار الأول كمن توقع الظفر بمقصوده .
ثم طالت قرينته الثانية كقوله : (
والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) ( النجم : 1 - 2 ) أو الثالثة كقوله تعالى : (
خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) ( الحاقة : 30 - 32 ) وهو إما قصير كقوله : (
والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا ) ( المرسلات : 1 - 2 ) .
أو طويل كقوله : (
إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور ) ( الأنفال : 43 - 44 ) .
أو متوسط كقوله : (
اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) ( القمر : 1 - 2 ) .