فصل في
قدر المعجز من القرآن
قال
القاضي أبو بكر : ذهب عامة أصحابنا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري في كتبه ، إلى أن
أقل ما يعجز عنه من القرآن السورة قصيرة كانت أو طويلة ، أو ما كان بقدرها . قال : فإذا كانت الآية بقدر حروف سورة وإن كانت كسورة الكوثر فذلك معجز .
قال : ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر .
وذهبت
المعتزلة إلى أن كل سورة برأسها فهي معجزة . وقد حكي عنهم نحو قولنا ، إلا أن منهم من لم يشترط كون الآية بقدر السورة ، بل شرط الآيات الكبيرة .
وقد علمنا أنه تحداهم تحديا إلى السور كلها ، ولم يخص . ولم يأتوا بشيء منها ، فعلم أن جميع ذلك معجز .
وأما قوله تعالى :
فليأتوا بحديث مثله ( الطور : 34 ) فلا يخالف هذا ; لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة . وهو يؤكد مذهب أصحابنا وإن كان قد يتأول قوله :
فليأتوا بحديث مثله على القبيل دون التفصيل .
فإن قيل : هل يعرف إعجاز السور الطوال ؟ وهل يعرف إعجاز كل قدر من القرآن بلغ الحد الذي قدرتموه على ما تعرفون به إعجاز سورة البقرة ونحوها ؟ .
قلنا : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبا الحسن الأشعري قد أجاب عن ذلك بأن كل سورة قد علم كونها معجزة بعجز العرب عنها . وسمعت بعض الكبراء من أهل هذا الشأن يقول : إنه يصح أن يكون علم ذلك توقيفا ، والطريقة الأولى أسد ، وتظهر فائدتهما في أن الأولى تبين أن ما
[ ص: 239 ] علم به كون
جميع القرآن معجزا موجود في كل سورة ; قصرت أو طالت ، فيجب أن يكون الحكم في الكل واحدا . والأخرى تتضمن تقدير معرفة إعجاز القرآن بالطريق التي سلكناها .