[ ص: 190 ] النوع الرابع
جمع الوجوه والنظائر
وقد صنف فيه قديما
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل بن سليمان ، وجمع فيه من المتأخرين :
nindex.php?page=showalam&ids=12737ابن الزاغوني nindex.php?page=showalam&ids=11890وأبو الفرج ابن الجوزي والدامغاني الواعظ ، [ ص: 191 ] nindex.php?page=showalam&ids=13417وأبو الحسين بن فارس ، وسمي كتابه : " الأفراد " .
[ ص: 192 ] [ ص: 193 ] فالوجوه : اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان ، كلفظ الأمة ، والنظائر كالألفاظ المتواطئة .
وقيل : النظائر في اللفظ ، والوجوه في المعاني ، وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة ، وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة ، فيجعلون الوجوه نوعا لأقسام ، والنظائر نوعا آخر ، كالأمثال .
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن ، حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجها أو أكثر أو أقل ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر .
وذكر
مقاتل في صدر كتابه حديثا مرفوعا : "
لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة " .
فمنه " الهدى " سبعة عشر حرفا :
[ ص: 194 ] بمعنى البيان ، كقوله تعالى : (
أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) ( البقرة : 5 ) .
وبمعنى الدين : (
إن الهدى هدى الله ) ( آل عمران : 73 ) .
وبمعنى الإيمان : (
ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ) ( مريم : 76 ) .
وبمعنى الداعي : (
ولكل قوم هاد ) ( الرعد : 7 ) ، (
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) ( الأنبياء : 73 ) .
وبمعنى الرسل والكتب : (
فإما يأتينكم مني هدى ) ( البقرة : 38 ) .
وبمعنى المعرفة : (
وبالنجم هم يهتدون ) ( النحل : 16 ) .
وبمعنى الرشاد : (
اهدنا الصراط المستقيم ) ( الفاتحة : 6 ) .
وبمعنى محمد صلى الله عليه وسلم : (
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) ( البقرة : 159 ) ، (
من بعد ما تبين لهم الهدى ) ( محمد : 32 ) .
وبمعنى القرآن : (
ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) ( النجم : 23 ) .
وبمعنى التوراة : (
ولقد آتينا موسى الهدى ) ( غافر : 53 ) .
وبمعنى الاسترجاع : (
وأولئك هم المهتدون ) ( البقرة : 157 ) ونظيرها في التغابن : (
ومن يؤمن بالله ) ( الآية : 11 ) أي في المصيبة أنها من عند الله ، (
يهد قلبه ) ( التغابن : 11 ) للاسترجاع .
وبمعنى الحجة : (
والله لا يهدي القوم الظالمين ) ( البقرة : 258 ) بعد قوله : (
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ) ( البقرة : 258 ) أي لا يهديهم إلى الحجة .
وبمعنى التوحيد : (
إن نتبع الهدى معك ) ( القصص : 57 ) .
وبمعنى السنة : (
وإنا على آثارهم مهتدون ) ( الزخرف : 22 ) .
وبمعنى الإصلاح : (
وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) ( يوسف : 52 ) .
وبمعنى الإلهام : (
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) ( طه : 50 ) هدى كلا في معيشته .
[ ص: 195 ] وبمعنى التوبة : (
إنا هدنا إليك ) ( الأعراف : 156 ) أي تبنا .
وهذا كثير الأنواع .
وقال
ابن فارس في كتاب " الأفراد " : كل ما في كتاب الله من ذكر الأسف فمعناه الحزن ؛ كقوله تعالى في قصة
يعقوب - عليه السلام - :
( ياأسفى على يوسف ) ( يوسف : 84 ) إلا قوله تعالى : (
فلما آسفونا ) ( الزخرف : 55 ) ، فإن معناه أغضبونا ، وأما قوله في قصة
موسى - عليه السلام - : (
غضبان أسفا ) ( الأعراف : 150 وطه : 86 ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " مغتاظا " .
وكل ما في القرآن من ذكر البروج فإنها الكواكب ، كقوله تعالى :
( والسماء ذات البروج ) ( البروج : 1 ) إلا التي في سورة النساء : (
ولو كنتم في بروج مشيدة ) ( 78 ) ، فإنها القصور الطوال المرتفعة الحصينة .
وما في القرآن من ذكر البر والبحر ، فإنه يراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس غير واحد في سورة الروم :
( ظهر الفساد في البر والبحر ) ( الآية : 41 ) ، فإنه بمعنى البرية والعمران . وقال بعض علمائنا : (
في البر ) قتل ابن آدم أخاه ، وفي البحر أخذ الملك كل سفينة غصبا .
و " البخس " في القرآن النقص ، مثل قوله تعالى :
( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) ( الجن : 13 ) إلا حرفا واحدا في سورة يوسف : (
وشروه بثمن بخس ) ( الآية : 20 ) ، فإن أهل التفسير قالوا : بخس : حرام .
وما في القرآن من ذكر " البعل " فهو الزوج كقوله تعالى :
( وبعولتهن أحق بردهن ) ( البقرة : 228 ) إلا حرفا واحدا في الصافات : (
أتدعون بعلا ) ( الآية : 125 ) ، فإنه أراد صنما .
وما في القرآن من ذكر " البكم " فهو الخرس عن الكلام بالإيمان ; كقوله :
( صم بكم ) ( البقرة : 18 )
[ ص: 196 ] إنما أراد ( بكم ) عن النطق والتوحيد مع صحة ألسنتهم إلا حرفين : أحدهما في سورة بني إسرائيل :
( عميا وبكما وصما ) ( الإسراء : 97 ) والثاني في سورة النحل : قوله - عز وجل - :
( أحدهما أبكم ) ( الآية : 76 ) فإنهما في هذين الموضعين : اللذان لا يقدران على الكلام .
وكل شيء في القرآن : جثيا فمعناه " جميعا " إلا التي في سورة الشريعة :
( وترى كل أمة جاثية ) ( الجاثية : 28 ) ، فإنه أراد تجثو على ركبتيها .
وكل حرف في القرآن " حسبان " فهو من العدد ، غير حرف في سورة الكهف :
( حسبانا من السماء ) ( 40 ) ، فإنه بمعنى العذاب .
وكل ما في القرآن " حسرة " فهو الندامة ; كقوله - عز وجل - :
( ياحسرة على العباد ) ( يس : 30 ) إلا التي في سورة آل عمران :
( ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) ( الآية : 156 ) ، فإنه يعني به " حزنا " .
وكل شيء في القرآن : " الدحض " و " الداحض " فمعناه الباطل ; كقوله - عز وجل - :
( حجتهم داحضة ) ( الشورى : 16 ) إلا التي في سورة الصافات : (
فكان من المدحضين ) ( الآية : 141 ) ، فإنه أراد من المقروعين .
وكل حرف في القرآن من " رجز " فهو العذاب كقوله تعالى في قصة بني إسرائيل :
( لئن كشفت عنا الرجز ) ( الأعراف : 134 ) إلا في سورة المدثر :
( والرجز فاهجر ) ( الآية : 5 ) ، فإنه يعني الصنم ، فاجتنبوا عبادته .
وكل شيء في القرآن من " ريب " فهو شك غير حرف واحد وهو قوله تعالى :
( نتربص به ريب المنون ) ( الطور : 30 ) ، فإنه يعني حوادث الدهر .
وكل شيء في القرآن " يرجمنكم " و " يرجموكم " فهو الفتك ، غير التي في سورة مريم - عليها السلام - :
( لأرجمنك ) ( الآية : 46 ) يعني لأشتمنك .
[ ص: 197 ] قلت : وقوله : (
رجما بالغيب ) ( الكهف : 22 ) أي ظنا . والرجم أيضا الطرد واللعن ، ومنه قيل للشيطان : رجيم .
وكل شيء في القرآن من " زور " فهو الكذب ، ويراد به الشرك ، غير التي في المجادلة :
( منكرا من القول وزورا ) ( الآية : 2 ) ، فإنه كذب غير شرك .
وكل شيء في القرآن من " زكاة " فهو المال ، غير التي في سورة مريم - عليها السلام - :
( وحنانا من لدنا وزكاة ) ( الآية : 13 ) ، فإنه يعني تعطفا .
وكل شيء في القرآن من " زاغوا " ولا " تزغ " فإنه من مالوا ، ولا تمل ، غير واحد في سورة الأحزاب :
( وإذ زاغت الأبصار ) ( الآية : 10 ) بمعنى شخصت .
وكل شيء في القرآن من " يسخرون " و " سخرنا " فإنه يراد به الاستهزاء غير التي في سورة الزخرف :
( ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) ( الآية : 32 ) ، فإنه أراد عونا وخدما .
وكل " سكينة " في القرآن طمأنينة في القلب ، غير واحد في سورة البقرة :
( فيه سكينة من ربكم ) ( الآية : 248 ) ، فإنه يعني شيئا كرأس الهرة لها جناحان كانت في التابوت .
وكل شيء في القرآن من ذكر " السعير " فهو النار والوقود إلا قوله - عز وجل - :
( إن المجرمين في ضلال وسعر ) ( القمر : 47 ) ، فإنه العناد .
وكل شيء في القرآن من ذكر " شيطان " فإنه إبليس وجنوده وذريته إلا قوله تعالى في سورة البقرة :
( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) ( الآية : 14 ) ، فإنه يريد كهنتهم ، مثل
كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وأبي ياسر أخيه .
[ ص: 198 ] وكل شهيد في القرآن غير القتلى في الغزو فهم الذين يشهدون على أمور الناس إلا التي في سورة البقرة قوله - عز وجل - :
( وادعوا شهداءكم ) ( الآية : 23 ) ، فإنه يريد شركاءكم .
وكل ما في القرآن من " أصحاب النار " فهم أهل النار إلا قوله :
( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) ( المدثر : 31 ) ، فإنه يريد خزنتها .
وكل " صلاة " في القرآن فهي عبادة ورحمة إلا قوله تعالى :
( وصلوات ومساجد ) ( الحج : 40 ) ، فإنه يريد بيوت عبادتهم .
وكل " صمم " في القرآن فهو عن الاستماع للإيمان ، غير واحد في بني إسرائيل قوله - عز وجل - :
( عميا وبكما وصما ) ( الإسراء : 97 ) معناه لا يسمعون شيئا .
وكل " عذاب " في القرآن فهو التعذيب إلا قوله - عز وجل - :
( وليشهد عذابهما ) ( النور : 2 ) ، فإنه يريد الضرب .
و " القانتون " : المطيعون ، لكن قوله - عز وجل - في البقرة :
( كل له قانتون ) ( الآية : 116 ) معناه " مقرون " ، وكذلك في سورة الروم :
( وله من في السماوات والأرض كل له قانتون ) ( الآية : 26 ) يعني مقرون بالعبودية .
وكل " كنز " في القرآن فهو المال إلا الذي في سورة الكهف :
( وكان تحته كنز لهما ) ( الآية : 82 ) ، فإنه أراد صحفا وعلما .
وكل " مصباح " في القرآن فهو الكوكب إلا الذي في سورة النور :
( المصباح في زجاجة ) ( الآية : 35 ) ، فإنه السراج نفسه .
" النكاح " في القرآن : التزوج ، إلا قوله - جل ثناؤه - :
( حتى إذا بلغوا النكاح ) ( النساء : 6 ) ، فإنه يعني الحلم .
[ ص: 199 ] " النبأ " و " الأنباء " في القرآن : الأخبار ، إلا قوله تعالى :
( فعميت عليهم الأنباء ) ( القصص : 66 ) ، فإنه بمعنى الحجج .
" الورود " في القرآن : الدخول ، إلا في القصص :
( ولما ورد ماء مدين ) ( الآية : 23 ) ، يعني هجم عليه ولم يدخله .
وكل شيء في القرآن من :
( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ( البقرة : 286 ) يعني عن العمل إلا التي في سورة النساء الصغرى : (
إلا ما آتاها ) ( الطلاق : 7 ) يعني النفقة .
وكل شيء في القرآن من " يأس " فهو القنوط إلا التي في الرعد
( أفلم ييأس الذين آمنوا ) ( الآية : 31 ) ؛ أي : ألم يعلموا . قال
ابن فارس : أنشدني أبي ،
فارس بن زكريا :
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
قال
الصاغاني : البيت
لسحيم بن وثيل اليربوعي .
وكل شيء في القرآن من ذكر " الصبر " محمود إلا قوله - عز وجل - :
( لولا أن صبرنا عليها ) ( الفرقان : 42 ) و
( واصبروا على آلهتكم ) ( ص : 6 ) انتهى ما ذكره
ابن فارس .
[ ص: 200 ] وزاد غيره : كل شيء في القرآن " لعلكم " فهو بمعنى لكي غير واحد في الشعراء :
( لعلكم تخلدون ) ( الشعراء : 129 ) ، فإنه للتشبيه ; أي كأنكم .
وكل شيء في القرآن " أقسطوا " فهو بمعنى العدل إلا واحدا في سورة الجن :
( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) ( الآية : 15 ) يعني العادلين ، الذين يعدلون به غيره ؛ هذا باعتبار صورة اللفظ ، وإلا فمادة الرباعي تخالف مادة الثلاثي .
وكل " كسف " في القرآن يعني جانبا من السماء غير واحد في سورة الروم :
( ويجعله كسفا ) ( الآية : 48 ) يعني السحاب قطعا .
وكل "
ماء معين " فالمراد به الماء الجاري غير الذي في سورة تبارك ( الآية : 30 ) فإن المراد به الماء الطاهر الذي تناله الدلاء ، وهي
زمزم .
وكل شيء في القرآن " لئلا " فهو بمعنى كيلا غير واحد في الحديد :
( لئلا يعلم أهل الكتاب ) ( الآية : 29 ) يعني : لكي يعلم .
وكل شيء في القرآن " من الظلمات إلى النور " فهو بمعنى الكفر والإيمان غير واحد في أول الأنعام :
( وجعل الظلمات والنور ) ( الآية : 1 ) يعني ظلمة الليل ونور النهار .
وكل " صوم " في القرآن فهو الصيام المعروف إلا الذي في سورة مريم :
( إني نذرت للرحمن صوما ) ( الآية : 26 ) يعني صمتا .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني في قوله تعالى :
( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) ( الأعراف : 163 ) أن المراد بالحضور هنا المشاهدة . قال : وهو بالظاء بمعنى المنع والتحويط ، قال : ولم يأت بهذا المعنى إلا في موضع واحد ، وهو قوله تعالى : (
فكانوا كهشيم المحتظر ) ( القمر : 31 ) .
[ ص: 201 ] قيل : وكل شيء في القرآن : (
وما أدراك ) فقد أخبرنا به ، وما فيه : (
وما يدريك ) فلم يخبرنا به ; حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في تفسيره واستدرك بعضهم عليه موضعا ، وهو قوله تعالى :
( وما يدريك لعل الساعة قريب ) ( الشورى : 17 ) .
وقيل " الإنفاق " حيث وقع القرآن فهو الصدقة ؛ إلا قوله تعالى :
( فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ) ( الممتحنة : 11 ) ، فإن المراد به المهر ، وهي صدقة في الأصل ؛ تصدق الله بها على النساء .