الخامس :
خطاب الجنس ، نحو :
ياأيها الناس ( البقرة : 21 ) فإن المراد جنس الناس لا كل فرد ، وإلا فمعلوم أن غير المكلف لم يدخل تحت هذا الخطاب ، وهذا يغلب في خطاب
أهل مكة كما سبق ، ورجح الأصوليون دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطاب بـ (
ياأيها الناس ) .
وفي القرآن سورتان أولهما :
ياأيها الناس إحداهما في النصف الأول وهي السورة الرابعة منه ، وهي سورة النساء ، والثانية في النصف الثاني منه ، وهي سورة الحج ، والأولى تشتمل على شرح المبدأ ، والثانية تشتمل على شرح المعاد ، فتأمل هذا الترتيب ما أوقعه في البلاغة !
قال
الراغب : و ( الناس ) قد يذكر ويراد به الفضلاء دون من يتناوله اسم ( الناس ) تجوزا ، وذلك إذا اعتبر معنى الإنسانية ، وهو وجود الفضل والذكر وسائر القوى المختصة به ، فإن كل شيء عدم فعله المختص به لا يكاد يستحق اسمه ، كاليد فإنها إذا عدمت فعلها الخاص بها ، فإطلاق اليد عليها كإطلاقه على يد السرير ، ومثله بقوله - تعالى - :
[ ص: 357 ] آمنوا كما آمن الناس ( البقرة : 13 ) أي كما يفعل من يوجد فيه معنى الإنسانية ، ولم يقصد بالإنسان عينا واحدا ، بل قصد المعنى ، وكذلك قوله :
أم يحسدون الناس ( النساء : 54 ) أي من وجد فيهم معنى الإنسانية ، أي إنسان كان .
قال : وربما قصد به النوع من حيث هو . كقوله - تعالى - :
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ( البقرة : 251 ) .