الثالث والثلاثون :
خطاب المعدوم . ويصح ذلك تبعا لموجود ، كقوله - تعالى - :
يابني آدم ( الأعراف : 26 ) فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ، ولكل من بعدهم ، وهو على نحو ما يجري من الوصايا في خطاب الإنسان لولده وولد ولده ما تناسلوا ، بتقوى الله وإتيان طاعته .
قال
الرماني في تفسيره : وإنما جاز خطاب المعدوم ؛ لأن الخطاب يكون بالإرادة للمخاطب دون غيره ، وأما قوله - تعالى - :
كن فيكون ( النحل : 40 ) فعند
الأشاعرة أن وجود العالم حصل بخطاب " كن " .
وقالت الحنفية : التكوين أزلي قائم بذات البارئ - سبحانه ، وهو تكوين لكل جزء من أجزاء العالم عند وجوده ، لا أنه يوجد عند " كاف ونون " .
وذهب فخر الإسلام شمس الأئمة منهم إلى أن خطاب " كن " موجود عند إيجاد كل شيء ، فالحاصل عندهم في إيجاد الشيء شيئان : الإيجاد وخطاب " كن " .
واحتج
الأشاعرة بظاهر قوله - تعالى - :
إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( النحل : 40 ) وقوله :
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ( يس : 82 )
[ ص: 374 ] وقوله :
بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( البقرة : 117 ) . ولو حصل وجود العلم بالتكوين لم يكن في خطاب " كن " فائدة عند الإيجاد .
وأجاب الحنفية بأنا نقول لموجبها ولا تستقل بالفائدة ؛ كالمتشابه ، فيقول بوجود خطاب كن عند الإيجاد في غير تشبيه ولا تعطيل .