حذف الضمير المنصوب المتصل يقع في أربعة أبواب : أحدها : الصلة ; كقوله تعالى :
أهذا الذي بعث الله رسولا .
الثاني : الصفة ; كقوله تعالى :
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ( البقرة : 48 ) ، أي : فيه ، بدليل قوله :
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ( البقرة : 281 ) ، ولذلك يقدر في الجمل المعطوف على الأولى ; لأن حكمهن حكمها ، فالتقدير :
ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ( البقرة : 48 ) فيه .
ثم اختلفوا ، فقال
الأخفش : حذفت على التدريج ; أي : حذف العطف ، فاتصل الضمير فحذف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : حذفا معا لأول وهلة .
وقيل : عدي الفعل إلى الضمير أولا اتساعا ، وهو قول
الفارسي .
وجعل
الواحدي من هذا قوله تعالى :
يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا أي : منه ، وقوله :
ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ( غافر : 18 ) ، أي : ما للظالمين منه .
[ ص: 232 ] وفيه نظر ; أما الأولى : فلأن يغني جملة قد أضيف إليها اسم الزمان ، وليست صفة .
وقد نصوا على أن عود ضمير إلى المضاف من الجملة التي أضيف إليها الظرف غير جائز ; حتى قال
ابن السراج : فإن قلت : أعجبني يوم قمت فيه امتنعت الإضافة ; لأن الجملة حينئذ صفة ، ولا يضاف موصوف إلى صفته ، قال
ابن مالك : وهذا مما خفي على أكثر النحويين .
وأما الثانية : فكأنه يريد أن
ما للظالمين من حميم ( غافر : 18 ) صفة ليوم المضاف إليها الأزمنة ، وذلك متعذر ; لأن الجملة لا تقع صفة للمعرفة ، والظاهر أن الجملة حال منه ، ثم حذف العائد المجرور بـ " في " كما يحذف من الصفة .
تنبيه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابن الشجري : أقوى هذه الأمور في الحذف الصلة ، لطول الكلام فيها ; لأنه أربع كلمات ; نحو : جاء الذي ضربت ; وهو : الموصول ، والفعل ، والفاعل ، والمفعول ، ثم الصفة ; لأن الموصوف قائم بنفسه ، وإنما أتى بالصفة للتوضيح ، ثم الخبر ; لانفصاله عن المبتدأ باعتبار أنه محكوم عليه .
ووجه التفاوت أن الصفة رتبة متوسطة بين الصلة والخبر ; لأن الموصول وصلته كالكلمة الواحدة ، ولهذا لا يفصل بينهما ; والصفة دونها في ذلك ; ولهذا يكثر حذف
[ ص: 233 ] الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، والخبر دون ذلك ، فكان الحذف آكد في الصلة من الصفة ; لأن هناك شيئين يدلان على الحذف : الصفة تستدعي موصوفا ، والعامل يستدعيه أيضا .
ويستحسن
ابن مالك هذا الكلام ، ولم يتكلم على الحال لرجوعه إلى الصفة .