الثامن
الغلبة والكثرة
كقوله تعالى :
فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ( فاطر : 32 ) قدم الظالم لكثرته ، ثم المقتصد ، ثم السابق .
وقوله :
فمنهم شقي وسعيد ( هود : 105 ) .
منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ( آل عمران : 152 ) .
الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين ( النور : 26 ) .
وجعل منه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري :
فمنكم كافر ومنكم مؤمن ( التغابن : 2 ) يعني بدليل قوله تعالى :
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ( يوسف : 103 ) وحديث بعث النار .
وأما قوله :
فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا ( آل عمران : 56 ) قدم ذكر العذاب لكون الكلام مع
اليهود الذين كفروا
بعيسى وراموا قتله ، ولأن ما قبله من ذكر حكمه ، فقال نبيهم هو على سبيل التهديد والوعيد لهم فناب العداة منهم .
وجعل من هذا النوع قوله تعالى :
والسارق والسارقة ( المائدة : 38 ) لأن السرقة في الذكور أكثر .
وقدم في الزنى المرأة في قوله :
الزانية والزاني ( النور : 2 ) لأن الزنا فيهن
[ ص: 331 ] أكثر . وأما قوله :
الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ( النور : 3 ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : سيقت الآية التي قبلها لعقوبتهما على ما جنيا ، والمرأة هي المادة التي نشأت منها الجناية ؛ لأنها لو لم تطمع الرجل وتمكنه لم يطمع ولم يتمكن ، فلما كانت أصلا وأولا في ذلك بدأ بذكرها ، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح ، والرجل أصل فيه ؛ لأنه هو الراغب والخاطب ومنه يبدأ الطلب .
ومنه قوله تعالى :
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ( النور : 30 ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " قدم غض البصر لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى به أشد وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه " .
ومنه تقديم الرحمة على العذاب حيث وقع في القرآن ، ولهذا ورد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018700إن رحمتي غلبت غضبي .
وأما تقديم التعذيب على المغفرة في آية المائدة فللسياق ؛ لأنه قوبل بذكر تقدم السرقة على التوبة .
ومنه قوله تعالى :
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم ( التغابن : 14 ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في " أماليه " إنما قدم الأزواج لأن المقصود الإخبار أن فيهم أعداء ، ووقوع
[ ص: 232 ] ذلك في الأزواج أقعد منه في الأولاد ؛ فكان أقعد في المعنى المراد فقدم ، ولذلك قدمت الأموال في قوله :
إنما أموالكم وأولادكم فتنة ( التغابن : 15 ) لأن الأموال لا تكاد تفارقها الفتنة :
إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ( العلق : 6 - 7 )
أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ( الإسراء : 16 ) وليست الأولاد في استلزام الفتنة مثلها ، وكان تقدمها أولى .